الانتظار
لعينيكَ احتملنا ما حتملنا | وبالحرمانِ والذلِّ ارتضينا |
وهان إِذا عطفتَ ولو خيالاً | وأين خيالك المعبود أينا؟! |
تعالَ! فلم يعد في الحي سارٍ | وهوَّنت المنازلُ بعد وهنِ |
وران على نوافذها ظلامٌ | وقد كانت تطلُّ كألف عينِ |
تعالَ! فقد رأيتُ الكون يحنو | عليّ ويدرك الكرب الملمَّا |
ويجلو لي النجومَ فأزدريها | وأغمض لا أريد سواك نجما! |
ومنتظرٌ بأبصاري وسمعي | كما انتظرتكَ أيامي جميعا |
وهل كان الهوى إلاَّ انتظاراً | شتائي فيك ينتظر الربيعا! |
أرى الآباد تغمرني كبحرٍ | سحيقِ الغور مجهولِ القرار |
ويأتمر الظلام عليَّ حتى | كأني هابط أعماق غارِ |
وتصطخبُ العواطف ساخرات | وتطعنُني بأطرافِ الحرابِ |
وتشفقُ بعدما تقسو فتمضي | لتقرع كل نافذةٍ وبابِ |
فصحت بها إلى أن جف حلقي | فحين سكتُّ كلمني إِبائي |
وأشعرني العذابُ بعمق جرحي | وأعمق منه جرح الكبرياءِ |
ولمّا لَمْ تفزْ بلقاك عيني | لمحتك آتياً بضمير قلبي |
فأسمعُ وقعَ أقدامٍ دوانٍ | وأنصتُ مصغياً لحفيفِ ثوبِ |
وأخلقُ مثلما أهوى خيالاً | لناءٍ صار من قلبي قريبا |
أمدُّ يديَّ في لهف إليه | أشاكيه بمحتسب الدموع |
فيسبقني إلى لقياه قلبي | وُثوباً يبرُدُ في ضلوعي |
فتصطخب العواطفُ ساخراتٍ | وتطعنُني بأطراف الحرابِ |
وتشفق بعدما تقسو فتمضي | لتقرعَ كلَّ نافذةٍ وبابِ! |