سارِي الْهَواءِ مَلَكْتَ أيَّ جَناحِ
سارِي الْهَواءِ مَلَكْتَ أيَّ جَناحِ | وحَلَلْتَ أيَّ مَشارِفٍ وَبِطاحِ |
وبِأَيِّ ناحِيَة ٍ أَقَمْتَ فإِنَّني | أَلْقاكَ بَيْنَ تَوَثُّبٍ وجِماحِ |
في كُلِّ مَغْدى ً مِنْ ذُيُولِكَ مَسحَبٌ | وخُطاكَ ماثِلَة ٌ بِكُلِّ مَراحِ |
تَجْرِى فَتَنْتَظِمُ الْمَدَائِنَ والْقُرَى | وتَفُوتُهُنَّ إِلى مَدى ً فَيَّاحِ |
لا الْبَرْقُ يَسْرِي حَيْث سِرْتَ ولا رَمَى | نَسْرٌ إِلى ما رُمْتَهُ بِجنَاحِ |
يَكْبُو الظَلِيمُ وأَيْنَ مِنْكَ عِداؤُهُ | ويَكِلُّ جُهْدُ الأَجْرَدِ السَبّاحِ |
تَمْضِي فلا تَقِف الْعَوَائِقُ حائِلاً | وتَمُرُّ بَيْنَ الصَلْدِ والصُّفّاحِ |
دانٍ وما عَلقتْ بِشَخْصِكَ أَعْيُنٌ | يَوْماً ولامُسَّتْ يَداكَ بِراحِ |
تَتَمايَلُ الأشْباحُ إنْ تَخْطِرْ بِها | ومِنَ السُرورِ تَمايُلُ الأَشْباحِ |
وتَهُزُّ أَدْواحَ الرياضِ فَتَنْثَنِي | شَوْقاً إِلَيْكَ بَواسِقُ الأَدْواحِ |
لَوْلاكَ ما صَبَّ الغَمامُ عيوُنَهُ | تَسْقِي البِطاحَ بِوابِلٍ سَحّاح |
لَوْلاكَ مازَهَتِ الرُبا بِمُرَقَّشٍ | مِنْ نَسْجِ مَنْثُورٍ وَوَشْيِ أقاحِي |
قَدَحُ الْحَيَاة ِ وَأَنْتَ أَغْلَى مَشْرَباً | مِنْ صَفْوَة ِ الْمَاذِيِّ فِي الأَقْدَاحِ |
سِرْ يا هَواءُ فَأنْتَ أَوْطَأُ مَرْكَبٍ | وَاهْتِفْ بَصَوْتِ الطَائِرِ الصَدَّاحِ |
واحْرِصْ عَلَى سِحْرِ الْبَيَانِ وَوَحْيِهِ | وَارْفُقْ بآيٍ في الْقَرِيض فِصاحِ |
جَمَعَتْ مَنَ الزَهْرِ النَديِّ قَوافِياً | تَسْبِي النهَى بِعَبِيرِها الْفَوّاحِ |
دُرَرٌ صِحاحٌ لَوْ تُقاسُ بِشِبْهِهَا | لَبَدَتْ دَرارِي اللَّيْل غَيْرَ صِحاحِ |
ماالسَيْفُ فِي كَفِّ الْمُفَزَّعِ قَلْبُهُ | كالسَيْفِ فِي كَفِّ الفَتَى الْجَحْجاحِ |
الشعْرُ مِنْ سِرِّ السَماءِ فَهمْسُهُ | وَحْيُ النُفُوسِ وَراحَة ُ الأَرْوَاحِ |
كَمُلَتْ صِفَاتُ الراحِ فِي نَشَوَاتِهِ | وَنَجا فَلَمْ يُوصَمْ بإِثْمِ الراحِ |
سِرْ يا قَرِيضُ إِلَى الْعُرُوبَة ِ مُسْرِعاً | وَانْزِلْ بآفاقٍ بِها ونَواحِي |
وَامْزُجْ بمِسْكِيِّ الأَثِيرِ تَحِيَّة ً | لِعَشَائِرٍ شُمِّ الأُنُوفِ سِماخِ |
شحُّوا بِأَنْ تَلِدَ الْمَكارِمُ غَيْرَهُمْ | وَهُمُ عَلَى النَّجَداتِ غَيْرُ شِحاحِ |
جَعَلُوا مِنَ الْفُصْحَى وَمِنْ آياتِها | نَسَباً مُضِيئاً كالنهارِ الضاحِي |
الضادُ تَجْمَعُهُمْ وَتَرْأَبُ صَدْعَهُمْ | سِيَّانِ في الأَفْراحِ وَالأَتَراحِ |
دارَ الإِذاعَة ِ لا تَمَليِّ إِنَّنِي | أَطْلَقْتُ لِلأَمَل الْبَعيدِ سَراحِي |
حُبُّ الْعُروبَة ِ قَدْ جَرَى بِمفَاصِلِي | بالرَّغْمِ مِنْ هَذِرِ الْحَدِيثِ مُلاَحِي |
دارَ الإِذاعَة ِ أَنْتِ بِنْتُ ثَلاثَة ٍ | مَرَّتْ كَوَمْضِ الْبَارِقِ اللَّمَّاحِ |
كَمْ فِيكِ لِلْقُرْآنِ رَنَّة ُ قارِئٍ | تَحْلُو لَدَى الإِمْسَاءِ والإِصْبَاحِ |
كَشَفَتْ عَنِ النفْسِ الْمَلُولِ حِجابَها | فَتَوَجَّهَتْ لِلْخَالِقِ الْفَتَّاحِ |
الدِينُ سَلْوَى النفْسِ في آلامِها | وطَبِيبُها مِنْ أَدْمُعٍ وَجِراحِ |
أوْدَعْتُه حُزْنيِ فَلَمْ تَعْبَثْ بِهِ | شَكْوَى ولاصَدَع الدجَى بِنُواحِ |
دارَ الإِذاعَة ِ كَمْ نَشَرْتِ ثَقافَة ً | جَلَّتْ مَآثِرُها عَنِ الإِفْصَاحِ |
كمْ جازَ صَوْتُك مِنْ بِحارٍ سُجِّرَتْ | وَفَدافِدٍ شُعْث الْفِجاجِ فِساحِ |
أَصْبَحْتِ أُسْتاذَ الشُعُوبِ وَكافَحَتْ | نَجْواكِ جَيْشَ الْجَهْلِ أَيَّ كِفاحِ |
وَمَلأْتِ بِالْعِلْمِ الْبِلادَ فَنُورُهُ | فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ وَبُهْرَة ِ ساحِ |
تَتَلَقَّفُ الدنْيَا حديثَكِ مِثْلَمَا | يَتَلَقَّفُ الأَبْرَارُ وَحْيَ الْوَاحِي |
دَارَ الإِذاعة ِ أَنْتِ أَمْرَحُ أَيْكَة ٍ | صَدَحَتْ فكانَتْ أيْكَة َ الأفْراحِ |
صاحَتْ بَلابِلُكِ الْحِسانُ فَأَخْمَلتْ | فِي الْجَوِّ صَوْتَ الْبُلْبُلِ الصَيَّاحِ |
مِنْ كُلِّ شادِيَة ٍ كَأَنَّ حَنِينَها | هَمْسُ الْمُنَى لِلْيَائِسِ الْكَدَّاحِ |
اللَّيْلُ إِنْ نادَتْهُ ماسَ بِعِطْفِهِ | فَتَرَاهُ بَيْنَ الْمُنْتَشى ِ والصَاحِي |
كَمْ فِيك مِنْ لَهْوٍ بهِ رِيُّ النُهَى | وفُكاهَة ٍ مَحبُوبَة ٍ ومُزاحِ |
النفْسُ تَسْأَمُ إِنْ تَطاوَلَ جِدُّها | فَاكْشِفْ سَآمَة َ جِدِّها بِمُباحِ |
زُمَرَ الشَبابِ وَلِي مُلامَة ُ ناصِحٍ | لَوْ تَسْمَعُونَ نَصِيحَة ِ النُصَّاحِ |
بِالْعِلْمِ مَرْكُونِي تَسَلَّقَ لِلْعُلاَ | وَبعَزْمَة ِ الْوَثّابَة ِ الطمّاحِ |
رَجُلٌ عِصامِيُّ الأَرُومَة ِ لَمْ يَنَلْ | مَجَداً بآمُونٍ ولا بِفِتاحِ |
تَتَطَلعُ الدنْيا إِلَيْهِ وتَمْتَطِي | ذِكْرَى مَآثِرِهِ مُتُونَ رِياحِ |
إِنَّ التفَاخُرَ بِالْقَدِيمِ تَعِلَّة ٌ | وَالْجَهْلُ لِلْمَجْدِ الْمُؤَثَّلِ ماحِي |
والْعِلْمُ مِصْباحُ الْحَياة ِ فَنَقِّبُوا | مِنْ قَبْلِ أَنْ تَثِبُوا عَنِ الْمِصْباحِ |
بَلِيَ السِلاحُ مَعَ الْقَدِيمِ وَعَهْدِهِ | والآنَ صارَ الْعِلْمُ خَيْرَ سِلاحِ |
الْيَوْمَ فِكْرَة ُ عالِمٍ في مَصْنَعٍ | تُغْنِي عَنِ الأَسْيافِ وَالأَرْماحِ |
وَتَصُدُّ كُلَّ كَتِيبَة ٍ مَوَّارَة ٍ | خَضْرَاءَ تَفْذِفُ بِالْكُماة ِ رَدَاحِ |
أَمْضُوا الْجُهُودَ وأخْلِصُوا لِبلادِكُمْ | فِي الْجَهْدِ وَالإِخْلاصِ كلُّ نَجاح |
لاَ يُرْتَجَى مِنْ أُمَّة ٍ مَفْتُونَة ٍ | بِاللَّهْوِ والتسْوِيفِ أَيُّ فَلاحِ |
خُوضُوا الصعابَ ولا تَملُّوا إنَّما | نَيْلُ الْمُنَى بالصبْرِ وَالإِلْحَاحِ |
قَدْ يُنْجِدُ اللُّجُّ الْغَرِيقَ بِقَذْفِهِ | حَيَّا فَيَلْقَى الْمَوْتَ فِي الضَحْضَاحِ |
الْعَهْدُ مِثْلُكُمُ جَدِيدٌ مُشْرِقٌ | فَهَلُمَّ لِلإِنْتَاجِ وَالإِصْلاحِ |
وَمَلِيكُكُمْ مَثَلُ الشبابِ مُجّمَّلٌ | بِخلائِقٍ غُرِّ الْوُجُوهِ صِباحِ |
يَتَفاءَلُ النيلُ الْوَفِيُّ بِعَهْدِهِ | وَبِيُمْنِ طَلْعَة ِ وَجْهِهِ الْوَضّاحِ |
سارَتْ مَحَامِدُهُ وسارَتْ خَلْفَها | تَشْدُو بِسابِغِ فَضْلِهِ أَمْداحِي |