أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب
أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب | وأين هي الأمم الغيب |
شربت العصور فأفنيتها | وما زلت من دمها تشرب |
تميت وتحيي على شرعة ٍ | يدور بها الزمن القلب |
تثور وتسكن تقضي الأمور | فتطفو الحوادث أو ترسب |
أخا الدهر أين حديث القرون | وأين المداد لمن يكتب |
شهدت الممالك تزجي الجنود | وعاينتها رمماً تندب |
وما حجب الدهر من سرها | فخافيه عندك لا يحجب |
إليك انصرفت أضم المنى | وأبعثها نزعاً تدأب |
غوالب تأخذ أقصى المدى | ويأخذها القدر الأغلب |
يصرفها في أفانينها | هوى ً لا يضل ولا يكذب |
على ملة ٍ من شعاع الضحى | يضاحكها الرونق المعجب |
يجاوره أدبٌ ساطعٌ | كما جاور الكوكب الكوكب |
فيا نيل أنت الهوى والحياة | وأنت الأمير وأنت الأب |
ويا نيل أنت الصديق الوفي | وأنت الأخ الأصدق الأطيب |
وأنت القريص الذي أقتفي | فيزهى به الشرق والمغرب |
ولولاك تعذب للشاربين | لما ساغ مورده الأعذب |
فإن أورث الخصب هذي العقول | فمما تعلمني تخصب |
وإن أنا أطربت هذي النفوس | فصوتك لا صوتي المطرب |
تسيل فتندفق الرائعات | وتجري فتستبق الجوب |
قوافٍ يقود بها الحادثات | فتى ً لا يقاد ولا يجنب |
عصيتك إن كان لي مأربٌ | سواك فيؤثر أو يطلب |
قسمت الحظوظ فمن يشتكي | وسست الحياة فمن يعتب |
لئن فاتني الذهب المنتقى | فما فاتني الأدب المذهب |
وهبت لك الملك ملك القريض | وذلك أفضل ما يوهب |
فهل وهبت مالها أمة ٌ | يظل الغرور بها يلعب |
تضن عليك بنزر العطاء | ويسلبها الغي ما يسلب |
تسيء إليك فلا تستطير | وتجني عليك فلا تغضب |
وتقتل أبناءك النابغين | فتذهب في الحلم ما تذهب |
ألم يئن أن تزع الجاهلين | فنحيا ونأمن ما نرهب |
لئن وجب الحلم عمن أساء | فإن دفاع الأذى أوجب |
فلا تجر إلا دماً أو ذعافاً | ولا تحفل القوم أن يعطبوا |
أماناً فما بيننا ثائرٌ | وعفواً فما بيننا مذنب |
عسى عقب منهمو صالحٌ | يعظم أقدار من تنجب |