أَلاَ، حَيِّ بِالْمِقْيَاسِ رَيَّا الْمَعَالِمِ
أَلاَ، حَيِّ بِالْمِقْيَاسِ رَيَّا الْمَعَالِمِ | وَقَلَّ لَهَا مِنَّا تَحِيَّة ُ قَادِمِ |
ملاعبُ آرامٍ ، وَ مأوى حمائمٍ | وَمَسْقَطُ أَنْدَاءٍ، وَمَسْرَى نَسَائِمِ |
أحاطتْ بهِ للنيلِ منْ كلَّ جانب | جَدَاوِلُ تُسْقِيهِ سُلاَفَ الْغَمَائِمِ |
تَدُورُ مَدَارَ الطَّوْقِ مِنْ حَيْثُ تَلْتَقي | مَسِيراً، وَتَنْسَلُّ انْسِلاَلَ الأَرَاقِمِ |
إذا ضاحكتها الشمسُ رفتْ متونها | رَفِيفَ الثَّنَايَا خَلْفَ حُمْرِ الْمَبَاسِمِ |
وَإِنْ سَلْسَلَتْها الرِّيحُ أَبْدَتْ سَبَائِكاً | مُقَدَّرَة ً، كَالْوَشْمِ فَوْقَ الْمَعَاصِمِ |
تجوس خلالَ الباسقاتِ ، وتنتهى | إلى ساعدٍ في غمرة ِ النيلِ ساجمِ |
تَرَى حَوْلَهَا الأَشْجَارَ وَلْهَى مُكِبَّة ً | عَلَى الْمَاءِ، فِعْلَ الصَّادِيَاتِ الْحَوَائِمِ |
و منبعثاتِ في الهواءِ ، كأنها | بيارقُ لهوٍ ركزتْ في المواسمِ |
منَ اللاءِ قدْ آلينَ يشربنَ ، أوْ تلى | مَنَابِتُهَا غَوْرَ الْبِحَارِ الْخَضَارِمِ |
إِذَا لاَعَبَتْ أَعْرَافَهَا الرِّيحُ خِلْتَهَا | فوارسَ تعصو بالسيوفِ الصوارمِ |
يَلُوحُ بِهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ، كَأَنَّهُ | فرائدُ ساوى بينها كفُّ ناظمِ |
إِذَا مَا أَتَى مِيقَاتُهَا، وَتَضَرَّجَتْ | حَسِبْتَ عَقِيقاً فِي صِحَافِ الْكَمَائِمِ |
مَسَارِحُ لَهْوٍ، لَوْ رَأَى «الشِّعْبُ» حُسْنَهَا | لعضَّ على ما فاتهُ بالأباهمِ |
ذَكَرْتُ بِهَا عصْراً تَوَلَّى ، وَلَذَّة ً | تقضتْ . وَ ما عهدُ الزمانِ بدائمِ |
وَمَا تَحْسُنُ الأَيَّامُ إِلاَّ بِأَهْلِهَا | وَلاَ الدَّارُ إِلاَّ بِالصَّدِيقِ الْمُلاَئِمِ |
فيا نعمَ ما ولتْ بهِ دولة ُ الصبا | وَ لمْ ترعهُ منْ عهدنا المتقادمِ |
إِذِ الْعَيْشُ أَفْنَانٌ، وَنَحْنُ عِصَابَة ٌ | ألو ترفٍ : ما بينَ غادٍ وَ هائمِ |
نَسِيرُ عَلَى دِينِ الْوَفَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ | سِوَى الْحُبِّ مِنْ قَاضٍ عَلَيْنَا وَحَاكِمِ |
إِذَا قَالَ مِنَّا قَائِلٌ، قَامَ دُونَهُ | شَهِيدٌ عَلَيْهِ، صَادِقٌ، غَيْرُ آثِمِ |
يحومُ عليهِ وَ المنايا مسفة ٌ | وَ يدرأُ عنهُ في صدورِ اللهاذمِ |
إِذَا أَلْهَبَتْهُ غَضْبَة ٌ، وَتَرَجَّحَتْ | بهِ سورة ٌ ، أغرى الظبا بالجماجمِ |
فَقَدْ مَرَّ ذَاكَ الْعَصْرُ إِلاَّ لُبَانَة ً | معلقة ً بينَ الحشا وَ الحيازمِ |
إِذَا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ يَوْماً تَرَاجَعَتْ | عليها عقابيلُ الهمومِ القدائمِ |
وَ منزلة ٍ للأنسِ كنا نحلها | وَنَرْعَى بِهَا اللَّذَّاتِ رَعْيَ السَّوَائِمِ |
عفتْ ، وَ كأنْ لمْ تغنَ بالأمسِ ، وَ التقتْ | عَلَيْهَا أَعَاصِيرُ الرِّياحِ الْهَوَاجِمِ |
وَمَا خَيْرُ دُنْيَا لا بَقَاءَ لِعَهْدِهَا | وَ ما طيبُ عيشٍ ربهُ غيرُ سالمِ |
عَلَى هَذِهِ تَمْضِي اللَّيَالِي، وَيَنْقَضِي | حديثُ المنى فيها ، كأحلامِ نائمِ |