الرئيسية » » سعدى‮ ‬يوسف | قصائد بعد هيرفيلد التلّ

سعدى‮ ‬يوسف | قصائد بعد هيرفيلد التلّ

Written By غير معرف on الأحد، 28 يوليو 2013 | يوليو 28, 2013

 سعدى‮ ‬يوسف


يومُ‮ ‬سبتٍ‮ ‬غائم

ضبابٌ‮ ‬علي المتوسِّطِ‮ ...‬

لا طيرَ‮ ‬يمْرُقُ‮ ‬عبر زجاج النوافذِ

لا صرخةٌ‮ ‬من نوارسَ‮ ‬،

والرايةُ‮ ‬المغربيةُ‮ ‬هامدةٌ‮ ‬فوق مبني الضرائبِ‮ .‬

مَن أمَرَ‮ ‬الشمسَ‮ ‬أن تتأخّرَ‮ ‬؟

مَن قادَ‮ ‬مرْكبةَ‮ ‬الثلجِ‮ ‬حتي هنا‮ ‬،‮ ‬في أزقّةِ‮ ‬طنجةَ‮ ‬؟

إني اتّخذتُ‮ ‬سبيلَ‮ ‬هروبي‮ ‬،‮ ‬جنوباً‮ ‬،‮ ‬لأهجرَ‮ ‬لندنَ

والقارةَ‮ ‬المتوحشةَ‮ ...‬

الثلجُ‮ ‬يتبعُني من هناكَ‮ !‬

ولكنني سوف أنتظرُ‮ ‬الشمسَ‮ :‬

إفريقيا

واللقالقَ‮  ( ‬أعشاشُها في رؤوسِ‮ ‬المآذنِ‮ )‬

أنتظرُ‮ ‬الأغنيةْ‮ !‬


طنجة‮  ‬1013‭/‬2‭/‬16


عُمّالٌ‮ ‬مَغاربةٌ


من الثامنةِ‮ ‬،‮ ‬الصُّبْحَ

إلي الخامسةِ‮ ‬،‮ ‬العصْرَ

نُرَقِّقُ‮ ‬أرغفةً

ونرَمِّمُ‮ ‬أرصفةً

وننامُ‮ ‬بلا صلَواتْ‮.‬

تسألُنا‮ ‬،‮ ‬ماذا نأكلُ‮ ‬؟

تأكلُنا البِيصارةُ

والكمّونُ‮ ‬الناشفُ‮ ‬والفلفلُ‮ .‬

يأكلُنا الجوعُ‮ ‬

ويأكلُنا القهرُ‮ ‬كأنّا ذُؤبانُ‮ ‬الفلَواتْ

وإلي الشاطيء تحملُنا عرباتُ‮ ‬الأحمالِ

لنبني داراتٍ‮ ‬وفنادقَ

نبني تحصيناتٍ‮ ‬وخنادقَ

لكنّا حين‮ ‬يجيءُ‮ ‬الليلُ

نكون طريدينَ‮ ‬،‮ ‬بعيداً‮ ‬عمّا شِدْنا من حُجُراتْ

أنُغَنِّي ؟

‮...‬

أحياناً‮ ‬،‮ ‬نتذكّرُ‮ ‬أنّا كنّا أطفالاً

أنّ‮ ‬هناكَ‮ ‬قُريً‮ ‬في الريفِ‮ ‬أحَبَّـتْـنا

نتذكّرُ‮ ‬أنّا أحبَـبْـنـا

فتنوحُ‮ ‬بنا العَـبَـراتْ

طنجة2013‭/‬3‭/‬14‮ ‬

الصّمت


في هذا السبتِ‮ ‬الباردِ

تبدو الشمسُ‮ ‬مؤجَّلةً‮ ‬،‮ ‬حتي لَكأنّ‮ ‬سماءَ‮ ‬المتوسِّطِ

قد طُلِيَتْ‮ ‬بالإسمنْتِ‮ ‬الأبيضِ‮ .‬

حاولتُ‮ ‬،‮ ‬بلا جدوي‮ ‬،‮ ‬أن أستحضرَ‮ ‬صوتَ‮ ‬مُغَنِّيةٍ

كانت تعشقُني في باريسَ‮ ...‬

وحاولتُ‮ ‬،‮ ‬علي مهلٍ‮ ‬،‮ ‬أن أُمسِكَ‮ ‬بالضوعِ‮ ‬المتبدِّدِ

من كأس نبيذٍ‮ ‬كنّا نترشَّفُهُ‮ ‬ظُهراً‮ .‬

لكنَّ‮ ‬الصمتَ‮ ‬عميمٌ

والشمسَ‮ ‬مؤجَّلةٌ

وسماءَ‮ ‬المتوسِّطِ‮ ‬تُطْبِقُ‮ ‬حتي كادَ‮ ‬الشارعُ‮ ‬يختنقُ‮ :‬

الصمتُ‮ ‬تَحَصَّنَ‮ ‬بي

بالمغلَقِ‮ ‬من حشرجتي في هذا السبتِ‮ ‬الباردِ

بالمغلَقِ‮ ‬من أيّامي في النُّزْلِ‮ ‬الباردِ

بالمغلَقِ‮ ‬من أنفَاقٍ‮ ‬لقطاراتٍ‮ ‬لن تأتي‮ ...‬


طنجة‮  ‬013‭/‬3‭/‬16‮٢‬


الشيوعيّ‮ ‬الأخير‮ ‬يريد أن‮ ‬يتغدّي

كان الشيوعيُّ‮ ‬الأخيرُ‮ ‬يجولُ‮ ‬جولتَهُ‮ ‬الأثيرةَ

في أزقّةِ‮ ‬طنجةَ‮ ...‬

هابطاً‮ ‬من هضْبةِ‮ ‬السوقِ‮ ‬القديمِ‮ ‬إلي مقاهي المرفأِ‮ ‬؛

انتظرتْهُ‮  ‬،‮ ‬يوماً‮ ‬،‮ ‬مَن توهَّمَ‮ ‬أنها استهوَتْهُ

أو هوِيَتْهُ‮  !‬

وهو‮ ‬،‮ ‬اليومَ‮ ‬،‮ ‬ماضٍ‮ ‬نحوَها‮ ‬،‮ ‬في المكتب البحريّ

كان‮ ‬يقولُ‮ :‬

قد تأتي معي‮ ‬،‮ ‬لنكون في رُكْنٍ‮ ‬،‮ ‬بمطعمِها‮ ‬،‮ ‬

علي البحرِ‮ .‬


السماءُ‮ ‬عجيبةٌ‮ ‬في شهر آذارَ‮ !‬

الشيوعيُّ‮ ‬الأخيرُ‮ ‬يكادُ‮ ‬يغرقُ‮ ‬تحتَ‮ ‬سيلٍ‮ ‬دافقٍ‮ ‬من‮ ‬غيثِ‮ ‬آذارَ‮ ...‬

الملابسُ‮ ( ‬وهي شِبْهُ‮ ‬جديدةٍ‮ ‬حتي لأغنية الغرامِ‮ ) ‬غدتْ‮ ‬من الزخّاتِ‮ ‬،‮ ‬أسمالاً‮ !‬

إذاً

يا صاحبي

يا مَن أُسَمِّيكَ‮ ‬الشيوعيَّ‮ ‬الأخيرَ

عليكَ‮ ‬أن تلقي حلولاً‮ ‬للتناقُضِ‮ !‬

هل ستمضي نحوَ‮ ‬مَن تهوي؟

أتمضي تحتَ‮ ‬هذا السيلِ‮ ‬؟

امْ‮ ‬ترتدُّ‮ ‬كالحلَزونِ‮ ‬في مُلتَفِّ‮ ‬قوقعةٍ‮ ‬؟‮ ‬

أجِبْ‮ ‬في لحظةٍ‮ !‬

قَرِّرْ‮ !‬


وقَرَّرَ‮ ‬صاحبي أن‮ ‬يكتفي بالنزْرِ

ولْيدخُلْ‮ ‬هنا‮ ... ‬في المطعمِ‮ ‬الشعبيّ

ولْيأكلْ‮ ‬هنيئاً‮ : ‬طاسةَ‮ ‬العدَسِ‮ !‬

المدينةُ‮ ‬سوف تعودُ‮ ‬مُغريةً‮ ‬غداً

ولسوف‮ ‬يذهب نحوَ‮ ‬مَن‮ ‬يهوي‮  ... ‬هنالك عند أرصفةِ‮ ‬العبورِ

إلي‮ » ‬طريفةَ‮ «‬

ربما رضِيَتْ‮ ‬صديقتُهُ‮ ‬أخيراً‮  !‬

طنجة‮  ‬013‭/‬3‭/‬26‮٢‬


خلِّنا نتمازَحُ‮ !‬


في المساءِ‮ ‬المبكِّرِ‮ ‬يأتي السنونو

ويأفُلُ‮ ‬عن طنجةَ‮ ‬النورسُ‮ ...‬

الليلُ‮ ‬يهبطُ‮ ‬شيئاً‮ ‬فشيئاً‮ ‬،‮ ‬هُنا

‮( ‬هكذا‮ ‬يلعبُ‮ ‬الطيرُ‮ )‬

يأتي السنونو

كما أنتِ‮ ‬،‮ ‬يخطِفُ‮ ‬بين المباتي وتاريخِها

يتخاطَفُ‮ ‬حتي‮ ‬يمسّ‮ ‬الزجاجَ

ويخطِفُ

يخطفُني‮ ...‬

قد تقولين‮ : ‬لا شأنَ‮ ‬لي بالذي أنتَ‮ ‬مُضنيً‮ ‬بهِ‮ ‬أنا لا شأنَ‮ ‬لي بالسنونو

ولا بالنوارسِ‮ ‬؛

أنا لا شأنَ‮ ‬لي بكَ‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ...‬

أقِمْ‮ ‬حيثُ‮ ‬أنتَ

أقِمْ‮ ‬حيثُ‮ ‬شئتَ

أقِمْ‮ ‬حيثُ‮ ‬تأتي النوارسُ

أو حيثُ‮ ‬يأتي السنونو‮  ...‬

أنا لا شأنَ‮ ‬لي

‮...‬

حسناً

غيرَ‮ ‬أني أُحبُّكِ‮ !‬

طنجة‮  ‬013‭/‬4‭/‬8‮٢‬


محكمة عسكرية


خمسون مرّتْ‮ ‬منذُ‮ ‬أن أدخلتَني‮ ‬،‮ ‬بـــــ ا معسكرِ‮ ‬التاجيّ‮ « ‬في بغداد

مغلولاً

ومرتعشاً

أُحاكَمُ‮ ...‬

كان حكّامي الثلاثةُ‮  ‬،‮ ‬مثل ما قرّرتَ‮ ‬،‮ ‬ضبّاطاً

وكانوا‮ ‬يلمعونَ

نظافةً

وقيافةً‮ ...‬

أمّا أنا‮ ‬،‮ ‬المغلولُ‮ ‬والـمُضني‮ ‬،‮ ‬فقد كنتُ‮ ‬الأسيرَ

وكان حرّاسي الذين تناوبوا ضربي اختفَوا‮ ...‬

وحدي مع الضبّاط‮ !‬

لم أكُ‮ ‬خائفاً‮ ‬؛ لَكأنَّ‮ ‬طيراً‮  ‬كان‮ ‬ينقرُ‮ ‬جبهتي ويقولُ‮ :‬

إرفعْ‮ ‬رأسَكَ‮ !‬

الرجُلُ‮ ‬الذي هوَ‮ ‬مَن ستحيا‮ : ‬وقفةٌ‮ !‬

أرجوكَ‮ ‬

إرفعْ‮ ‬رأسَكَ‮  ...‬

الشعراءُ‮ ‬والأشجارُ‮ ‬أعلي‮ !‬


طنجة‮  ‬013‭/‬4‭/‬24‮٢‬


مُـكـالَـمـةٌ


‮ ‬تداعبُني نَوارُ‮ ‬،‮ ‬وكان فوق لسانها عسلُ‮ ‬البداوة‮ : ‬هل بدأتَ‮ ‬تحبُّني ؟

كانت نوارُ‮ ‬،‮ ‬هناك‮ ‬،‮ ‬عبرَ‮ ‬البحر‮ ...‬

يأتي الصوتُ‮ ‬مرتجفاً‮ ‬قليلاً‮  .‬

‮( ‬أهيَ‮ ‬أغنيةٌ‮ ‬؟‮ )‬

أقولُ‮ : ‬أُحبُّكِ‮ !‬

الصوتُ‮ ‬الذي‮ ‬يأتي وقد قطعَ‮ ‬البحارَ‮ ‬وليلَها الثلجيّ

أمسي شاخصاً‮ ‬عندي

أكادُ‮ ‬أضمُّهُ‮ ‬لأضُمَّ‮ ‬خِصْراً‮ ‬من نوارَ‮ ‬وخُصلةً‮  ...‬

فأضيع‮ ‬َ‮ !‬

قولي‮ ‬،‮ ‬يا نوارُ‮ ‬،‮ ‬وأنتِ‮ ‬مائدةُ‮ ‬الندي‮ :‬

أيّانَ‮ ‬تأتينَ‮ ‬؟

الزهورُ‮ ‬تفتّحتْ

والنحلُ‮ ‬يأتي

والسناجبُ‮ ‬ترتقي الأغصانَ‮ ‬مثلَ‮ ‬الطير‮  ‬؛

قولي‮ ‬يا نوار‮ !‬


طنجة‮  ‬013‭/‬5‭/‬22‮٢‬


لعنةُ‮ ‬العراق


‮»‬نتغدّي بهِ‮ ‬،

قبلَ‮ ‬أن‮ ‬يتعشّي بنا‮ ... «‬

ها هي ذي الحكمةُ‮ ‬الأبديّةُ‮ ‬عند العراقيّ‮ ‬؛

من سومر الماءِ

حتي جلاميدِ‮ ‬آشــورَ‮ ...‬

من ثورة الزنجِ

حتي مذابحِ‮ ‬صدّامٍ‮  ‬،

الحكمةُ‮ ‬الأبديّةُ‮ ‬باقيةٌ‮ :‬

‮ ‬نتغدّي بهِ

قبلَ‮ ‬أن‮ ‬يتعشّي بنا‮  ...‬؛

الآنَ‮ ‬أسألُ‮ :‬

يا سيّدي

أيُّهذا‮  ‬البسيطُ‮ ‬العراقيُّ‮  ... ‬أنتَ‮ ‬شقيقي

إذاً‮ ‬،‮ ‬أنا لستُ‮ ‬عدوّكَ‮ .‬

لستَ‮ ‬عدوّي‮ .‬

ولكنْ‮ ‬،‮ ‬قد استحكَمَ‮ ‬الأمرُ‮ !‬

هاأنتذا‮  ‬،‮ ‬تتمثّلُ‮ ‬حكمتكَ‮ ‬الأبديّةَ‮ ‬،‮ ‬تلكَ‮ ‬التي قتلتْ‮ ‬سومرَ‮ ‬الماءِ

تلك التي قتلَتني‮ ‬،‮ ‬أنا‮ ‬،‮ ‬كلَّ‮ ‬يومٍ‮ ‬هنا‮ :‬

‮» ‬نتغدّي بهِ‮ ‬،

قبلَ‮ ‬أن‮ ‬يتعشّي بنا‮ ... ‬

‮...‬

أيُّهذا البسيطُ‮ ‬العراقيُّ‮ :‬

كُنْ‮ ‬لحظةً‮ ‬أنتَ

كنْ‮ ‬لحظةً‮ ‬،‮ ‬مثلَنا‮ !‬


لندن‮  ‬2013‭/‬5‭/‬26‮


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads