الرئيسية » » إلى البحر | علي محمود طه

إلى البحر | علي محمود طه

Written By Unknown on الأحد، 28 يوليو 2013 | يوليو 28, 2013

إلى البحر

قف من اللّيل مصفيا و العباب و تأمل في الزبدات الغضاب
صاعدات تلوك في شدقها الصّخر و ترمي به صدور الشّعاب
هابطات تئنّ في قبضة الرّ يح و ترغي على الصّخور الصّلاب
ذلك البحر: هل تشاهد فيه غير ليل من وحشة و اكتئاب؟
ظلمات من فوقها ظلمات تترامى بالمائج الصّخاب
لا ترى تحتهّن غير وجود من عباب و عالم من ضباب
أيّها البحر كيف تنجو من اللّيـ ـل؟ و أين المنجى بتلك الرّحاب
هو بحرّ أطمّ لجّا، و أطغى منك موجا في جيئة و ذهاب
أو ما تبصر الكواكب غرقى في دياجه كاسفات خوابي؟
و ترى الأرض في نواحيه حيرى تسأل السّحب عن وميض شهاب
ويك يا بحر ما أنينك في اللّيـ ـل أنين المرّوع الهيّاب
إمض حتّى ترى المدائن غرقى و ترى الكون زخرة من عباب
إمض عبر السّماء و اطغ على الأفـ ـلاك و اغمر في الجوّ مسرى العقاب
ذالك أو يهتك الظّلام دياجيـ ـه و ينضو ذاك السّواد الكابي
و ترى الشّمس في مياهك تلقي خالص التّبر و اللّجين المذاب
أقبل الفجر في شفوف رقاق يتهادى في منظر خلاّب
خلل من وشائع النّور زهر يتماوجن في حواشي السّحاب
و إذا الشّاطئ الضّحوك تغنّى حوله الطّير بالأغاني العذاب
و نسيم الصّباح يعبث بالغا ب و يثني ذوائب الأعشاب
و من الشّمس جمرة في ثنايا الـ ـموج يذكو ضرامها غير خابي
و من البحر جانب مطئنّ قزحيّ الأديم غضّ الإهاب
نزلت فيه تستحمّ عذارى الضّـ ـوء من كلّ بضّة و كعاب
عاريات يسبحن في اليمّ لكن لفّها الرّغو في رقيق الثّياب
خفرات من الأشعة خوذ نسّقتها أنامل الأرباب
فإذا البحر يرقص الموج فيه و إذا الطير صدّح الرّوابي
راقصات الأمواجعلّمن قلبي رقصات المغرّد المطراب
و أفيضي عليه من سلسل الوحـ ـي نميرا كالجدول المنساب
و استثيري عواطفي و دعيني أسمع البحر أغنيات الشّباب
لي وراء الأمواج يا بحر قلب نازح الدّار ماله من مآب
نزعته منّي اللّيالي فأمسى و هو ملقى في وحشة و اغتراب
ذكريات تدني القصيّ و لكن أيم مني منازل الأحباب
أنا و حدي هيمان في لجّك الطّا مي غريق في حيرتي و ارتيابي
أرمق الشاطئ البعيد بعين عكفت في الدّجى على التّسكاب
فسواء في مسمعي من ذراه صدحه الطّير أو نعيق الغراب
و سواء في العين شارقة الفجـ ـر أو اللّيل أسود الجلباب
بيد انّي أحسّ فيك شفاء من سقامي و رحمة من عذابي
أنت مهد الميلاد و الموت يا بحر و مثوى الهموم و الأوصاب
فأنا فيك أطرح الآن آلا مي و عبء الحياة و الأحقاب


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads