غشيت ديارها من بعد عشر
غشيت ديارها من بعد عشر | فهيجت الرسوم غليل صدري |
لعمر أبيك ما وجدي بسلمى | ولا وجد الديار بمستقر |
هوى كالدهر ليس له انقضاء | وكالقدر المروع حين يجري |
وما عاهدت من أهواه حتى | وفيت بعهده وقضيت نذري |
وبعض الناس يذكر ثم ينسى | ومالي غير ذكرٍ بعد ذكر |
أصون أحبتي ما الحب إلا | أمانة فاضلٍ ووفاء حر |
إذا مكر المخاتل قلت قلبي | أعيذك من مخاتلة ٍ ومكر |
ويا نفسي الوفية لا تكوني | مراح خيانة ٍ ومسيل غدر |
بنفسك فاحتفظ إن كنت حراً | وعقلك فاستشر في كل أمر |
وحق سواك فارع ولا تخنه | وحقك لا تدعه تقاة شر |
وما للمرء حين يضام بد | من الصمصام والفرس الطمر |
وتارك حقه من غير حربٍ | كتارك عرضه من غير عذر |
رأينا الحاكمين فما رأينا | حكومة صالحٍ وقضاء بر |
لحكم الجاهلية في بنيها | على ما فيه من عنتٍ وضر |
أخف أذى وأقرب من رشادٍ | وأبعد عن مماحكة ٍ ونكر |
ألم تر كيف صار البغي ديناً | لكل حكومة ٍ وبكل مصر |
مضى الحنفاء في العصر الخوالي | فهات حديثهم إن كنت تدري |
وقف بي في طلول الشرق واذكر | هدى الفاروق واندب عهد عمرو |
ولا تصف الحضارة لي فإني | أرى عصر الحضارة شر عصر |
أذى ما للممالك منه واقٍ | ولا لبني الممالك من مفر |
أرانا ظامئين إلى حياة ٍ | تفيض بمزبد التيار غمر |
تجول حوائم الآمال فيه | وتسبح منه في ري وطهر |
تراكضت المشارق تبتغيها | وغودرت الكنانة في المكر |
رأيت الشعب ذا العزمات يمضي | ويركب في المطالب كل وعر |
يخوض النقع أغبر والمنايا | عجال الشد من سودٍ وحمر |
وبعض العالمين يذوب رعباً | إذا برز الكماة غداة كر |
يحب حياته ويزيد حرصاً | فيلقى الموت من خوفٍ وذعر |
تراع فوارس الهيجاء منه | بزأرة ضيغمٍ ووثوب هر |
إذا أبصرت دهرك مكفهراً | فدافعه بعزمٍ مكفهر |
ولن تحضى بعيشٍ منه حلوٍ | إذا ما كان طعمك غير مر |
أساة النيل والأدواء شتى | فمن بادٍ يلوح ومستر |
أقيموا صلبه وتداركوه | ولا تدنوه من كفنٍ وقبر |
ظللت أراقب العواد مالي | سوى ماذا يكون وليت شعري |
لمصر شبابها في الدهر إني | خلعت شبيبتي وطويت عمري |