الرئيسية » » حين زارني طيف أمي | جمال مرسي

حين زارني طيف أمي | جمال مرسي

Written By Unknown on الأحد، 28 يوليو 2013 | يوليو 28, 2013

حين زارني طيف أمي
 
أيا طيفَ أُمِّي ، جُلْ بذهني وخاطري فَجَدِّدْ شبابَ العُمرِ وابعثْ مشاعري
أتوقُ إلى الصدرِ الحنونِ يضُمُّني طويلاً ، فهل يا طيفُ أنت بزائري ؟
مضى من سنين الدمعِ عمرٌ ، ولم يزلْ فؤادي بِهِ يسخو ، و إنْ لم يُجاهِرِ
لَهُ كاضطرابِ البحرِ موجٌ مشابِهٌ و في الجودِ و الإغداقِ سحرُ المواطِرِ
و في قوْلةِ الحقِّ المبينِ لهُ العُلا فلم يخشَ يا أُمَّاهُ بطشَةَ جائِرِ
و لي في فؤادي يا حياتي شمائلٌ أغُضُّ بها عن حُرمةِ اللهِ ناظري
و لي فيهِ إحساسٌ يجيشُ صبابةً و أزهارُ بستانٍ ، و رِقَّةُ شاعرِ
ولي قلبُ مُشتاقٍ يذوبُ ويكتوي عفيفٌ فلم يخضعْ لفُحشٍ و فاجِرِ
قويٌّ على كلِّ الخطوبِ مُثابرٌ و ليسَ على خطبِ الفراقِ بصابرِ
فيا طيفَ أُمِّي عُدْ فإنِّي و وحدتي سهرنا ، و في الأعماقِ لوعةُ حائِرِ
نَعُدُّ ثوانينا و نرنو لغفوةٍ يعودُ بها الحُلْمُ القديمُ لحاضري
فإنِّي بلا حُلْمٍ كنجمٍ بلا فضا و إنِّي بلا حُبٍّ كصخرِ المحاجِرِ
و يا وجهَ أمِّي دعْ يدي تلمسُ الذُّرا و تسعى إلي العلياءِ سعياً كطائرِ
و دعني أيا نورَ الصباحِ بوجهِها أضيئُ الدياجي ، بل و أجلو بصائري
و زدْني إلى ما شاءَ ربِّي مغانماً من الطهرِ و الأخلاقِ زاد المسافِرِ
فإنِّي بأخلاقي على الخلقِ سائِدٌ و ما سُدْتُهُمْ بالمالِ أو بالجواهِرِ
تعلَّمْتُ حُسْنَ الظنِّ منكَ و فطنتي فما كُنتُ خوّاناً ، و لستُ بغادِرِ
و لكنْ ذئابُ الليلِ غرْثى ، تربَّصَتْ بلحمي و أعصابي إذا لم أُحاذِرِ
و من لم يكُنْ مثلي يذودُ بمخلبٍ قويٍّ ، فما يُغنيهِ طولُ الأظافِرِ
و منْ لم يكُنْ في الحقِّ صوْتاً مُدَوِّياً تأذّى بأصواتٍ لأوهى الحناجِرِ
و أحرى بمن كان البيانُ خصيمَهُ عزوفٌ عن الفتوى و هجرُ المنابِرِ
فيا طيفَ أمي عُدْ كما كُنْتَ ناضراً و لا تنزَعِجْ ممّا رأيتَ بحاضري
فهذا هو القرنُ الجديدُ و عالمٌ يتيهُ بأسيافِ الهمومِ البواتِرِ
حروبٌ لها الإنسانُ طُعمٌ و مِشعَلٌ و نارٌ إذا ما أُضْرِمَتْ لم تُغادِرِ
و ظُلمٌ يشيبُ الرأسُ منهُ و ينحني يذوقُ بِهِ الإنسانُ جامَ الفواقِرِ
و جوعٌ أحالَ الطفلَ جِلْداً و أعظُماً تداعت ، فأين العدلُ ، قُلْ يا مُناظِري
و هذا يهوديٌّ يعيثُ بظُلْمِهِ فساداً ، وساحُ القُدسِ ناءَتْ بفاجِرِ
و قومي ، بنو الإسلامِ صارت سيوفُهُمْ رموزاً على الحيطانِ ، طيَّ الدفاتِرِ
لهذا أنا يا طيفَ أُمِّي بأدمعي حزينٌ ، وهَمِّي فاقَ كلَّ خواطِري
فإن زُرْتَني ، شرَّفْتَ يا خيرَ زائِرٍ أتى بالشذا والعطرِ من خيرِ زائِرِ
و إن تهجرِ الأحلامَ عفواً ، فإنني على العهدِ ، لن أنسى وإن كُنتَ هاجِري
فكُن لي وربِّ البيتِ عوْناً بغُربتي و كُن بعدَ ربِّ البيتِ حِصني و ناصري
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads