الرئيسية » » في مديحِ الموت | عبدالمحسن يوسف

في مديحِ الموت | عبدالمحسن يوسف

Written By غير معرف on الأحد، 28 يوليو 2013 | يوليو 28, 2013

يربضُ عند عتبةِ الدار ِ ككلبِ حراسة ٍ يقظ ، يكمنُ في الزوايا والمنعطفات ، في الردهةِ والممر ، في الصخب ِ والهدأةِ ، في الظلالِ والغصون .. نحن غزلانُ الوقتِ وهو صائدٌ ماهرٌ ، يعدُّ شِراكًا لا تفلتُ منها الطرائد ، ذئبٌ هائلٌ بعواءٍ من ريح يتقنُ المُكْثَ ويبدعُ في حياكةِ الجنائز .. مخاتلٌ ولئيمٌ وله نداءٌ كنداءِ الماءِ حين يغري ضحاياه بمباهجِ الغرق ..مترصدًا ينتظرُ في الطرقاتِ وعلى الأرصفة ، في ضجر البحر ِ ومرح ِ الحقول ، في الصباحاتِ العمياء وفي الأمسياتِ المترفة ، في ياقةِ القميص ِ وكُمِّ المعطف ، في نعومةِ الحرير ِ وفي خشونة ِ الصوف ، في سُكّر ِ الشفاهِ وفي ملح ِ الرغيف ،  في مرايا الكأس ِ و حدائق ِ الأعناب ، في الدفءِ والزمهرير ، في الرمادِ والوهج ، في غفوة ِ المنزل ِ وسهر ِ الطريق ، في الكتبِ المؤجلة وفي القصائد التي لم تُكْتَبْ ، في القرى والصهيل ، في البوح ِ المطلق وفي الهواجس ِ الغامضة ، في الرقصة ِ الأولى وفي أقراص ِ منع ِ الحزن ، في الخفقة ِ والجناح ، في الذاكرة ِ والنسيان ..يقفُ مشرئبًّا في خاتمة ِ الزهو ِ ومنتصفِ الخيبة ، في النبل ِ والوضاعة ، في الضحك ِ والدموع ، قد يلقي عليكَ التحيةَ كما لو كان صديقَكَ الحميم ، ولربما يلقي عليكَ القبضَ متلبسًّا بالآمالِ كما لوكنتَ لصًّا ، وقد يخرجُ عليكَ خلسةً من العتمةِ كقاطع ِ طريق ، يعدُّ لكَ المحفّةَ ، ويزيّنُ قبرَكَ بالشاهدة ِ والأزهار ، وفي غيابِكَ يصبُّ للمعزين فيكَ القهوةَ السوداءَ أو خمرةَ الشغف ، يا أنتَ ..يا أيُّها الناحلُ مثل خيط ٍ ، الحذرُ كوعل ٍ في هاوية ..إلى أين المفرُّ ؟ وبأيِّ جبل ٍ تلوذ ؟  وما مِنْ نوح ٍ هناك ، وليس ثمّة سفينة ! 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads