تناءت على قرب الديار السرائر
تناءت على قرب الديار السرائر | فليس لما بيني وبينك آخر |
لقد كان ظني أن لي منك وامقاً | على حين حفت بي الحقوق النوائر |
فلما بدت لي نفرة الغدر منكم | رضيت بما تقضي به وهو جائر |
فلا تعذلوني في الجفاء فإنني | أنزه قلبي أن يرى وهو صاغر |
هويتك بالقلب البريء من الحجا | وإنني بالعقل السليم لهاجر |
تقلص ظل الحب بعد امتداده | وجف هوانا بعد إذ هو ناضر |
أحالته أخلاق العقوق وغدره | عهوداً تبكيها القلوب الذواكر |
كأن الجوى واليأس والسهد والضنى | ديونق على من ضاءه منك ناظر |
على أنه سيان كربٌ وفرحةٌ | فكلٌّ تعفيه الليالي الدوائر |
ستعلم أن الحسن ليس بدائم | وأن العيون الزهر يوماً غوائر |
ويصرف عنك الشيون قلوبهم | وتغضى غداً عنك اللحاظ الغوادر |
كأني بهذا الحسن قد جف ماؤه | وباخ ضياءٌ في المحاجر باهر |
يحاول أن يسبي القلوب كعهده | ويطلب أن تصبو وهن نوافر |
ستبصرني جلداً على الدهر عارفاً | فليتك مثلي إن تقاضاك صابر |
وليتك إذهباً على القلب لم تهن | علينا ولكني على ذاك شاكر |
فإن تنحرف فالحسن جمٌّ وجوده | وأهون بما منه لدينا نظائر |
طوى الدهر ما بيني وبينك من هوى | وليس لما يطوي زمانك ناشر |
وما ندمي إلا على كلفي بكم | فهل لي من تلك الجناية عاذر |
نبذتك نبذ النعل رث أديمها | وإني على أمثال ذاك لقادر |
إذا ما أراد اللضه بالمرء رحمة | فسهم الأذى عن مرشق الحظ جائر |
لقد حاطت الأقدار نفسي من الذي | تكيد وقد دارت عليه الدوائر |
رويدك لا يهلك جهلك إنني | رضيٌّ ولكني على الشر قادر |
وإني لصلٌّ لين مسٍّ وإن لي | لأنياب سوء ساندتها أظافر |
وحسبك إما شئت ضرك شردٌ | يباديك منها حيثما كانت ناحر |
ولكنني أغضيت عنك تكرما | وإن كثرت أوزاركم والجرائر |
فرح غانماً بالصفح ممن إذا رمى | فلا تجبر الأيام ما هو كاسر |
ومن عجب تأبى النسيب ضلالة | وما ذاك للأحرار غيرك ضائر |
فياليت شعري والعجائب جمة | أيرضيك أن يغرى بذمك شاعر |
أغرك مني أنني أظهر الهوى | أبى الزهو أن يبقى بعشك طائر |
فرحت تبث الناس أخبار صبوتي | وتزعم أني عاشق وتفاخر |
رويدك لا تجعل هواي ذريعة | لشيء ترجيه كأنك تاجر |
فجرت عيون الدمع فابك بأربع | على حين يفتر العدو المناكر |
أدرت رحى حرب عليك طحينها | عفافك فانظر أي خطب تحاذر |
وقل يرحم اللَه السكينة والمنى | وخفضاً وريفا أعجلته المقادر |