عودي
عودي فصُبِّي العشقَ في شرياني | صادٍ أنا أخنى عليَّ زماني |
نَضَبَتْ منابعُ عالمي ، فكأنها | صارت عشوش البومِ و الغربانِ |
أين الكرى ؟ أمسى كأنَّ سريرَهُ | رُفِعَتْ قوائمُهُ على البركانِ |
ما الحلمُ إلا هاجسٌ في غفوةٍ | قد أفزَعَتْ زوراتُهُ أجفاني |
إني بلوْتُ مشاعري فوجدتها | ذابت أسىً من كثرةِ الأحزانِ |
و بلوْتُ روضاتي ففاحَ أريجُها | و تحَدَّثَت أزهارُها بلساني |
قالت عرفتُ الخطوَ لم أحفلْ بِهِ | لم يُؤذِني إلا خُطى الإنسانِ |
يزهو كطاووسٍ طغى في حسنِهِ | ظنّاً بأنَّ الحُسْنَ في الألوانِ |
ما الحُسن في تلك الجسومِ و إنّما | في البرِّ في المعروفِ في الإحسانِ |
في نظرةٍ تُزجى إلى مُتَأَلِمٍ | في شرْبةٍ تُعطى على صديانِ |
في بسمةٍ رُسِمَتْ على شفةِ المثنى | دكَّت صُروحَ البؤسِ و الحرمانِ |
في كفِّ عبدٍ قد جَنَتْ من كسْبِها | رزقاً حلالَ الجذرِ و الأفنانِ |
رُفِعَتْ لخالقها بكلِّ تواضعٍ | تدعوهُ في سرٍّ و في إعلانِ |
و الخيرُ في ساقٍ سَعَتْ فيما سَعَتْ | للحقِّ ، لا للزور و البهتانِ |
إنْ أرقَلَتْ فالصدق في خطواتها | بالصدقِ قامت دولة الإيمانِ |
أو أبطَأَتْ ، فلعلها تنجو بِهِ | من سقطةٍ في قبضةِ الشيطانِ |
عودي إذن ثمَّ اسكبي يا خُلَّتي | من حبِّكِ الفيّاضِ في وجداني |
لا تسألي عمّا مضى ، أولى بنا | نسيانهُ و العيش في اطمئنانِ |
عودي فإن سفينتي قلبُ التي | أحببتها ، و عيونها شطآني |
أرسو .. إذا ضنّتْ عليَّ مرافئٌ | في ناعساتٍ ، هُنَّ برُّ أماني |