ظمأ
خَلَعَتْ قِرْطَيّْهَا وسِوارَ يَديّْهَا
| |
فقميصُ الفطرةِ في سُهٍد يَتَدَلَّى
| |
فكَّتْ زهوَ ضفائرِها
| |
وبريقَ العينينِ ،مشَدَّاتِ النّهْدينِ
| |
نَزَلَتْ
| |
سَبَحَتْ
| |
عاريةً إلا منْ صَلفِ الأنْثَى ،وبكارةِ جسدٍ يقطرُ بالوحشَةْ .
| |
سَبَحَتْ
| |
واغْتَرَفتْ من جمْرِ تشوّقِهَا
| |
سَاءَلَهَا الموجُ لماذا ؟
| |
ردّتْ: عطْشَى
| |
عاوَدَها الموجُ التَّسْآلَ
| |
فقالتْ: ولْهَى لحبيبٍ يتمنَّعُ من زمنٍ
| |
قال الموجُ: وكيفَ لمطْلُوبٍ أن يطْلُبَ،
| |
يكبو، ويريقُ دماءَ تمنُّعِهِ
| |
في جسدٍ لدنٍ
| |
قالتْ: في زمنِ الدهشةْ
| |
قِيل: وما زمنُ الدهشةْ ؟
| |
قالتْ: زمنٌ تتبدّلُ فيه الأشياءْ
| |
تَزْهو بالقبحِ ضمائرُنا
| |
نحملُ بين جوانحِنا وحْشاً يترقَّبُ خطوَ فرائسِهِ
| |
في شوقٍ ممقوتٍ ينتظرُ النّهْشَةْ
| |
زمنٌ نألفُ فيهِ الأعمارَ المسكونةَ بالأشباحِ،
| |
ونعتادُ حُبوبَ الضَّغطِ ومنعَ الحملِ وحمْلَ الهمِّ،
| |
وأكوابَ السهدِ اليوميّ وطعومَ الأدويةِ المذّةُ
| |
نشربُ ِمنْ ظمأِ الأيامِ الرشْفَةَ تُلوَ الرّشْفةْ
| |
قيل: وما زمنُ الدهشةْ ؟
| |
قالت : زمنٌ يحسدُ فيهِ الأحياءُ الموتَى ،أو يحيا الأحياءُ بأرواحٍ
| |
خامدةٍ وقلوبٍ هشّةْ
| |
قالت : حينَ تعيشُ الأزمنةَ القصديريةَ لا ترجو من ربِ الأرضِ سبائكَ منْ ذهبٍ أو فضّةْ
| |
لا تطلبْ من أحدٍ قشّةْ
| |
قال الموجُ : وماذا أفعلُ إنْ جاءَ الزمنُ القصديرْ ؟
| |
قالت : إنْ تسْطَعْ أنْ تدفنَ كالنعامةِ رأسَكَ فافْعَلْ
| |
إن تسطعْ أن تصنعَ أجنحةً للغربةِ والرحلةِ فارْحلْ
| |
إن تسطع أن تحملَ نعْشَكَ فاحملَ
| |
فالأحياءُ همُ الموتى
| |
طُوبَى للحيّ الميّتِ إنْ يحملْ نعشَه
| |
غيّبْ نفسَكَ في صحراءِ الغربةِ مثْلي
| |
حين يفارقُنِي نهْري
| |
أخرجُ من جَسَدِي 0
| |
، آوِيْ للبحرِ ولا آبَهُ لملُوحَةِ قاعِ البحرِ ولا أخْشى قِرْشَهْ.
|