الرئيسية » » النخلة | محمود قرنى

النخلة | محمود قرنى

Written By غير معرف on السبت، 18 مايو 2013 | مايو 18, 2013


النخلة


جلس الرجل
يكتب  تعويذته على ذيل قط  أعمى
ويقذف بصُرّة الشيح إلى قلب النخلة
ناداها  بكل الهواء الذي يملأ صدره:
"يا عمتي"
النخلة في ساحة البيت تميل في دلال
تلقي سلاما هنا
وسلاما هناك
كان طلعُها الأبيض كالحليب, تذكارا
موشوما  على قلبه
صعد بظهْرية من الليف إلى رأسها
كلمها .. وناداها
سكب في قلبها حليب أصابعه
وعندما هبط، كان صدره المعطوب
يعلو ويهبط في هياج
كأنه فرغ للتو من مضاجعة  طويلة
كان النهار ربيعياً  جافاً
تأملها ثانية  ونادها  باسمها
ألقى مياهاً غزيرة حول ساحتها
وقال:
الآن فقط أسمع صوتي
كنت أحتاج  إلى ذلك
أحتاج إلى الغبار والصفير
واصْطكاك الأسنان في نصف طُوبة
أحتاج  أغراضي
أحتاج طريقاً محفوفة  بالمخاطر
وأتصور المتاهة على نحو  كهذا
نحن  متشابهان إلى حد  بعيد.

***

كوني كما تصورتك
ساعة إشراقة الشمس
شعر  أخضر  يخامِرُ الأصابع
يطلع ناعساً من مخمله
ينام على قلبك الأبيض حتى الصباح
ويقبض على خصرك الذي يشبه
خاتم قديس
أنا منتش  هكذا
واسمك يمر كنسمة  على فم المغنى
أريد أن أذهب إلى السوق
وأشتري من أجلك  أرواب زينة
وأضواء مبهرة
"يا أخت أبي" استسلمي لذراعي
فأنا أحبك حتى النهاية.

***

كأن شيئاً  لم يكن
قصَّ  على رأسها أقاصيص من قلبه
دلىَّ عراجينها بتؤدة  ولين
فأصبحت امرأة ذات أرداف
ساحرة  وملونة
دائماً يتذكر  أباه  الذي ربّاها،
وهو يقص حكايتها كل يوم  مع القاضي الميسَّر
الذي كان يجلس  تحتها
ليقضي في الناس
ولا يهش أبداً
كأنه بناية  لا تر يم
لكنها في لحظة  من لحظات هزرها
 أسقطت بلحة  غليظة  على أنفه
انتفض وتأسف على وقاره الذي ضاع
لكنه قهقه لأول مرة في حياته
بسْمل وقال:
"ضعف الطالب  والمطلوب"
لكن الغيمة المارة على رأسها لم تدمْ طويلاً
وقعت برأسها على الصاعقة
لبستْ بعدها ثوباً  بنياً محروقاً
وفقدت أنوثتها الطاغية
هي الآن ذكر  نخيل  لا ينبس
لن تستطيع أن تقص على صاحبها
قصصاً  أخرى عن النساء
اللاتي احتمين بظلها
وتعرين لنسمات الصيف الطرية
ولا عن الغمزات المخجلة
التي تركتها العذراوات
في الأماسي المقمرة
النخلة  البضة  صارت ذات عضلات مفتولة
وشارب  مبروم
بينما العاشق  ضائق الصدر
يخرج  برأسه من الباب إلى الساحة
يملأ صدره المعطوب بالهواء
ويعود حسيراً
يتوسط  ساحة البيت وينظر إلى أعلى
إلى رأسها
يريد أن يقول لها يا أخت أبي،
يا عمتي
لكنه لا يستطيع.




التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads