الرئيسية » » ليس الوداعُ أن تقول وداعاً | خافيير غيتييرّس لوسانو

ليس الوداعُ أن تقول وداعاً | خافيير غيتييرّس لوسانو

Written By Lyly on السبت، 3 يناير 2015 | يناير 03, 2015

عاشقو الأفق

إلى إستيفاني غونسالس


I

اليوم، الرابع من يناير عام 1493
يُعيد الرحَّالة كولومبوس، الأفق إلى أوروبا
بعيون مليئة بالكنوز

تروي الأميال التي قطعها جمال المشاهد الطبيعية، فيما البحّار يستسلم لموته.

عَرفَ اليابسة المُحاطة بالبحار.

أشرعة سُفُنِه كانت أجنحة طائر الببغاء
وطعم المستيزو في فمه لم يكن ليمنح القُبلة ذاتها.

تود التلال لو تبنَّتهُ كنسر يطير في الأبدية.

عرفَ أنَّ المياهَ تُغنِّي،
الألوان تفِرُّ من أجساد الحيوانات
والحقائق تُمنح للجُناة.
مِن سانتو دومينغو رَحَل كولومبوس لموته
مسلّماً نفسه لاتِّساع العالم الجديد

II

اليوم الرابع من يناير 1952
وأنا إرنستو غيفارا،
أنا ألبرتو غراناذو
أسيرُ في السهول مُسترجعاً الأراضي المُصادرة
والرمال أصبحت تعرف خطواتي.

في فمي يتَّسع الصوتُ لكل الصمت.

الأمواج الملوَّنة على الشاطئ صعدت القمم لتروي الحمام الحائم
يوماً بعد يوم فوق الأمل

على هذه الأرض
أن تتشابك الأصابع يعني أن تَلمحَ الأفق وأن تعرف أنَّ بإمكان الرياح أن تُحرِّك البحر.

III

اليوم هو الرابع من يناير
وأعلم أنَّني أحتوي العالم
فقط حين أُمسكُ يديكِ.



على طريقة فيردن سمايلوفيك

لا قصائدي الثلاثين لسراييفو
ولا ساراجيليك وحزنه المتَّزِن
ولا صيحات شعبي المخنوقة
ولا الملايين التي رأتكَ باكياً في تلفزيوناتهم
ولا شغف طلّاب كاراهازان
ولا الحُطام الذي يأوي آلتك التشيلو
ولا العشرين الذين يقفون في طابور يبحثون عن غذاء
لا الرصاصات
لا المساعدات
لا الذكرى
لا المستقبل

بإمكانهم استبدال موسيقاك في الجنازات

ولا إعادتها لأمواتهم.



رقم هاتفي

أتذّكَّر رقم هاتفي الأول؛
رقم الطفل الذي كان يستعجل المشي،
كان يردّ على أي مكالمة
ينتظر سماع أي كان
وكان يحلمُ بما يمكنُ أن يكون عليه حين يكبُر.

هناك لحظاتٌ أُصبح فيها قطّاً
وأحاول الاتِّصال بالرقم ذاته
لأعرف ما إن كنتُ أنا من سيرد
أو سيواصل الردَّ على هذا الهاتف.
لو كنتُ سأتعرّفُ إلى صوتي
أو سأكون أنا المكالمة التي لطالما انتظرتها في خضم متاعبي.

عليَّ أن أحذر من الحبِّ والسقوط


لكنني أعتقد أنَّني عرفت الطفل،
الذي سيقفلُ الهاتف ليضيع من جديد
ويتمكّن من الابتسام أمام الهزيمة.



شتاء؛ مصيرٌ يُرثى له

اليوم، لم يَعُد الشتاء أبيض كما تحبِّين
وبدا أنَّ آثار الوجع لا تحمل اسمك،
وأنَّ الحرارة تكسو البردانين.

بعيداً عن جنون السيَّارات الغائم في الشوارع
والترام الطافحِ بالأوهام المتجمِّدة.
حينما يفرض البرد شروطاً جديدةً للحب
ويعرِّي الإسفلت المنزلق طرُقاً لم نمشِ فيها أبداً.


حين تعلّمتُ التنقُّل في الثلوج
مُتَتَبِّعاً خطوات قدميك
والحقيقة القاتمة التي خلَّفها تَعَبُك.
الشتاء لم يَعُد أبيض،
كما تُحبِّين.
مصيرٌ يرثى له؛
احتمال البرد بحبٍّ ليعرِفَ الثلجَ خلف أثرِ خطوتِكِ القاتمة.



وداعاً

"هم أنفسهم الرجال الذين يبكون ويُميتون من لا يحبُّونهم".
أنطونيو برايينا


ليس الوداعُ أن تقول وداعاً،
هو زائفٌ كمن يَحرق صُندوق الشكاوى ليفرح،
أو كمن يُنكر أنَّه في الحب والكره، هناك دمعة تبدو أنها الحقيقة الوحيدة.

لو قلتُ وداعاً، فلن أغيبَ عن الشوارع،
أُحاول أن أجعلَ من الوقت حارساً ينتظر أن يُطفئ الليلُ الصافرات والدندنات التي تمنعني من أن أستمع لصوتي.

ودون أن يكون ذلك وداعاً، سأقول لكِ وداعاً
بخفَّةِ وبساطةِ من يستشرفُ الغد.


Javier Gutiérrez Lozano شاعر مكسيكي (بويبلا، 1980)، من كتبه "ألبوم المُدَّعي".


ترجمة عن الإسبانية: غدير أبو سنينة



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads