الرئيسية » » فى وداع فراشة أخرى | ناهد نصر

فى وداع فراشة أخرى | ناهد نصر

Written By Lyly on السبت، 3 يناير 2015 | يناير 03, 2015

كم صارت بعيدة هذه الأيام. كنا نلتقى أمام باب الجامعة بقلوب فراشات. نكاد نطير عابرين الشارع إلى هناك. وأى هناك ذلك الذى كانت تأخذنا إليه. مالذى كناه حينئذ. كيف كانت أصابعنا تتشابك دون أن نشعر أنها أصابعنا.بل اجنحة تطيرنا إلى بعيد. كيف لم تكن أنت أنت ولا أنا أنا. كيف كنا نحن. جميعاً. لم نكن بناتاً ولا أولاد.جميعاً كنا واحداً.

كيف كنا نملك نفس القروش القليلة، نفس الدواعى للضحك، للإبتسامة، للحزن، للغضب. وكنا نطرب لذات الكلام وذات الموسيقى وذات الخبر. ونملك نفس الخطى ونفس الدخان ونفس الأمانى ونفس الغرائز مثلاً: "اقتباس الكتب، التأخر فى المواعيد، عبادة بائع الكتب القديمة،والكفر بالغيب أياً يكون

آآآآآآآه... لماذا على أن أكرر تلك الحكايات. تفاجئنى فكرة مرعبة.كيف يدور التاريخ حول نفسه بهذه الرتابة. كيف تقرأ كتاباً وأنت فراشة. ثم تفاجئ بنفسك متورطاً فى السيرة نفسها، وكأننا نموذج حرفى لسلالة أجيال الفراشات كلها. بلا استثناء، ولا استثناء. الجسر نفسه عبروه جميعاً ونعبره. منذ متى يا ترى. الثلاثينيات؟ الخمسينيات؟ السبعينيات؟ التسعينيات؟ القرن القادم؟ القرن الماضى.

كيف يمكنك احتمال التناقض بين كونك فراشة ترف باجنحتها الملونة بعيداً عن مجتمع الشرانق، لكنها تفاجئ أن كل مراحل تطورها بما فى ذلك تغير ألوان اجنحتها مع الفصول وتغير الزهور التى تحط عليها. كل تلك التفاصيل تكرار لما حدث لفراشات أخرى قبلها؟؟؟


المرارة تأتى من مأسوية المصير المكرر والذى قبل أن تصل إليه تعرفه حتماً ربما لأنك قرأته أو سمعته أو رأيته بنفسك حين كنت تودع أحدهم فى عزاء حضره جميع الفراشات لتوديع فراشة أخرى . كيف يمكن ألا تكون الحياة مجرد عبث؟ ان العبث يتجسد فى أن العبث هو النتيجة التى وصلت اليها ملايين الفراشات قبلك، ثم تصل اليها الان انت.فيالا العبث. اذ لماذا لم يفعل كل هؤلاء شيئاً إذائه رغم أنهم يعرفون بوجوده؟ لماذا تركوا لك فراغاً كبيراً للألم والأمل والحزن والفرح والطيران والموت والحياة والحب والفقد والبكاء والعبث.؟ لماذا يتركون فراغاً للولاده طالما يعرفون؟ لماذا يولد الناس؟ ولماذا ولدنا نحن فراشات؟ 

الم يكن لديكم يا أيها الرفاق سبيلاً لعقار مضاد لولادة الفراشات؟ أو حريقاً مضاداً للأجنحة والتعب؟ الم تصنعوا هناك انتم الخارجين من خلف حبال المشانق، وقطبان السجون، والسوائل المذيبة للأعضاء، والذكريات المريرة وتشوهات التكيف الحارقة . أو اللامبالاة الإجبارية. الم تصنعوا جنة ما هناك. بعيداً لنا. أكيد أنكم رحيمون وطيبون ورفاق حقاً إذ تركتم العالم الوحشى هذا لتصنعوا جنة للفراشات، للفراشات فقط. وأنكم فى انتظارنا. وأننا سوف نلتقى يوماً ما هناك. بالتأكيد. وإلا لماذا استعجل هو لقائكم. أكيد لأنه يعرف

25 يونيه 2007

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads