لو أنّني أقْصِيتُكُمْ عَنها ..
لجَفَّتِ الحَياةُ في عُرُوقِها ..
وَكنتُ مثلَ منْ يُقصِي المِياهَ
عن مَسالِكِ الغَديرْ!
لضَاعَ من فُصُولهِا الرّبيعُ،
ضاعَ أحلى ما لدَى الرّبيعِ:
عِطرُهُ
وَسِحرُهُ
ودَعوَةُ القُلوبِ لِلقُلوبِ فيهِ
وانتَفَتْ لدَيهِ زَقزَقاتُ العِشْقِ
من أرجائِهِ
ولاختَفى من ثَوبِهِ الأنيقِ
أينَما سَعى تَدفُّقُ العَبيرْ.
وشَحَّ فيهِ البَوحُ
والفَراشُ ضلَّ دربَهُ إليهِ
والحَفيفُ والنّدَى النّديُّ والخَريرْ.
لانْطَفأتْ لدَى الصّباحٍ شَمسُهُ
إذْ لمْ تَعدْ تُملِكُ منْ أنْ تَستَعيرَ
ضَوءَها من مُقلَتيِّ عَاشِقٍ
مُغامِرٍ صَغيرْ!
من أينَ تَستَمِدُّ الأرضُ دِفأهَا،
لوْ لمْ يكنْ في الكونِ حُبٌّ غَامرٌ،
لو لمْ تَكنْ عاشِقةٌ تَمِدِّهُ
بِبَعضِ ما في قلبِها
منْ شَوقِها
وتَوقِها
ومنْ بَخُورِ حُبِّها ..
تَهَبهُ لحظةَ اكتِمالِها
تَهَبْهُ دَفقَةَ اشتِعَالِها ..
تَفتَحُ مُقلَتيْهِ
حتى لا يَضِلَّ دربَهُ القَريرْ؟
يا أيّها العُشّاقُ ..
يا أحبّتي،
يامِلحَ هذي الأرضِ
ياعَبيرَها
ونُورَها ..
فلتَشْمَخُوا كالطَودِ
لا يَثْنِينَّكُمْ عنْ حُبِّكمْ أحدْ،
ولا يُتَوِّهَنَّ حُلمَكمْ لكمْ ..
مَهمَا قَسَى .. مَهمَا عَصَى
في الكونِ سَدّْ!
أنتمْ رَواسِي الكونِ
أنتُمُ كنُوزُها
وطَوقُها الذي
يَزينُ جِيدَها إلى الأبدْ،
لأنتُمُ
لأنتُمُ ..
منْ ليسَ مثلُهُ في أرضِنا أحَدْ.
