بَسَمَتْ تتيهُ مُدلّة ً بصباحها
بَسَمَتْ تتيهُ مُدلّة ً بصباحها | زَهراءُ يَعْبثُ عِقدُها بِوِشاحِهَا |
نَهَبتْ من المسك الفتيقِ سَوادَه | فأغار موتوراً على أنفاحِها |
وتزينت بحلى َ الكواكبِ مثلمَا | تَتَزّينُ الحسناءُ في أفراحها |
أرخى غدائرَها الحياءُ كأنها | عَذراءُ تخلِطُ لينها بجِماحها |
هي ليلة ٌ مزجَ السرورُ صباحَها | بمسائِها ومساءها بصباحها |
نور الملائكِ من سَنِيِّ ضيائِها | وشذى جنانِ الخُلدِ من أرواحِها |
نَشَرتْ جَناحَ السلم يخفِقُ بالمُنى | فارتاحت الدنيا لخفْقِ جَناحها |
ومضى بها شَبَحُ الخُطوب مُفزَّعاً | ولكَمْ لِقينا الويلَ من أشباحها |
فُتِنَتْ بصفحتها القلوبُ فهلَ رأتْ | في لونِ صفحتها عيونَ مِلاحها |
لو أنَّها عادتْ فكانتْ رَوْضَة ً | لتَغَنَّتِ الدنيا على أدْواحها |
هي ليلة ُ الفاروقِ تتلو مجدَهُ | والدهرُ والأيامُ من ألواحها |
قد أسفرتْ عن صُبْحِ يومٍ باسمٍ | برّاق سافرة ِ المُنَى لمّاحها |
يومٌ على مصرٍ أغَرُّ مُحجَّلٌ | لمستْ به الأملَ البعيدَ براحِهَا |
مدّت له الأيامُ فَضْلَ عِنانِها | من بعد طول نِفارها وشياحها |
وسما بها الفاروقُ نحو مطامحٍ | جاز الشبابُ بها مدى أطماحها |
غُصنٌ من المجدِ النضيرِ بدوحة ٍ | كم أصْغتِ الدنيا إلى أصْداحها |
إن أشكلت دُهْمُ الأمورِ وأغلقتْ | أبوابَها فسلوه عن مِفتاحها |
تُبْنَى الممالكُ والبطولَة ُ أُسَّها | وعزائمُ الأحرار من صُفَّاحها |
والمجدُ أنْ تَرِدَ الصعابَ بهمة ٍ | شُمُّ الرواسي عِندَها كبِطاحها |
تُلقى على الأحْداثِ من بَسَماتِها | مايُذهِلُ الأحداثَ عن إلحاحها |
وَلرُبَّ نفسٍ ضَمَّها صدرُ الفتَى | ويضيقُ صدرُ الأرضِ عن فيَّاحها |
شَرَتِ المكارمَ حُلوة ً بجهادها | مُراً فكان الحمدُ من أرباحها |
والناس أشباهٌ ولكنَّ العُلاَ | عَرَفَتْ فتى العزماتِ من مزَّاحها |
فاروقُ أنت فتى العُروبة ِ وابُنها | وبشيرُ وحْدتِها وزَندُ كِفاحها |
جَمَّعتَ فُرقتها فأضحتْ أمّة ً | أقوى وأصْلَبَ من حديد رماحها |
بَسمَتْ لها الدنيا وأشرقَ وجهُها | من بعدِ ما عَبَستْ لطولِ نُواحها |
وشفى الزمانُ جِراحَها ولطالما | ضاق الزمانُ وطِبّهُ بجراحها |
وتوحّدت راياتُها في راية ٍ | تُزْهَى الرياحُ بعُجبها ومِراحِهَا |
أممٌ لها خُلْقُ السماحِ سَجيَّة ٌ | ودماؤها في الحرب رَمزُ سَماحَها |
في جَبهة التاريخ منها أسْطُرٌ | كَتَبَ الإباءُ حروفَها بسلاحِها |
آياتُ مجدٍ مُشرِقاتٌ فاسألوا | عَمْرواً وسيفَ اللّه عن أوْضاحها |
نهضتْ بفاروقٍ فكانت آية ً | للبَعثِ بعد شَتاتها وطراحها |
ورأتْ بشائرَ يُمنها في طَلْعَة ٍ | تُغْنى بها البسَماتُ عن إفصاحها |
وجهٌ كأنّ البدرَ ألقى فوقَه | لألاءَهُ والشمسَ نورَ لِياحها |
ومضاءُ نهَّاض العشيرة باسلٍ | حمَّال ألِويَة العُلاَ كَدّاحها |
هبت به مصر إلى قصباتها | ريحا تسابق عاصفات ريحها |
رَسَمَ النجاح لها فسارتْ حُرَّة ً | مِنْ بَعْدِ مَا التَبسَتْ طريقَ نجاحِهَا |
هّبتْ به مِصرُ إلى قصابهاَ | ريحاً تُسابق عاصفاتِ رياحها |
والناسُ من هِممِ الملوكِ وثوبُهم | من وحْيها وصلاحُهم بصلاحها |
وإذا السفينة ُ لم تُبالِ زَعازعاً | فاسأل كبيرَ الشطِّ عن ملاَّحَها |
عيدَ الجلوسِ وفي جَبينك آية ٌ | للسلْم تُنجى الأرضَ من أتْراحهَا |
حَرْبٌ طَوى الحلفاءُ فيها صَيْحة ً | للظلم أزعجتِ الورى بنُباحهَا |
والحربُ تبدأ كالحَصاة بزاخرٍ | لم يُدْرَ إنْ قُذفَتْ مدَى مُنداحها |
كم هزَّتْ الدنيا صواعقُ نارها | وأصاب وجهَ الأرضِ من لَوّاحها |
نفسي فداءُ البُسلِ في حَوْماتها | وفدَى الشبابِ يسيلُ فوقَ صِفاحَها |
تَشرى شُعوبُ الحقِّ فيها مبدأً | بالنقْدِ من دمِها ومن أوراحهَا |
النصرُ قد خَفَقَتْ لهم أعلامُه | والحربُ قد صاح البشيرُ بساحهَا |
وغَدَتْ على الظمآن للدّم غُصّة ً | وجَهنماً أخْرَى على سَفّاحهَا |
عيدَ الجلوسِ وللقوافي رَنّة ٌ | ألْهَتْ غصونَ الدوْح عن صَدّاحهَا |
أرسلتُها ملءَ الأثير كأنما | وحْيُ السماء اختار غُرَّ فصاحهَا |
ونَثرتُها دُرراً فودّتْ أنجمٌ | لو عَدّهُنَّ الحسنُ بين صِحاحهَا |
عيدَ الجلوسِ وفيكَ ضاحكة ُ المُنى | دَبَّ السرورُ بروحها وبراحهَا |
ثمِلَتْ وأغصانُ الربيع تمايلتْ | فكأنهنّ شرِبْنَ من أقداحهَا |
فاروقُ ذكْرُكَ في الورَى متجدِّدٌ | كالشمس بين غُدِّوها ورَواحهَا |
أجْهدتَ سارية َ الخيال فأجْبلَتْ | ماذا تقولُ اليومَ في أمداحهَا |