يالواءَ الحسنِ أحزابُ الهوى
يالواءَ الحسنِ أحزابُ الهوى | أجّجوا في الحبِّ نيرانَ الجفَاءْ |
مذ رأوْا طَرفَكِ يبدو ناعساً | أيقظا الفتنة َ في ظلِّ اللواء |
فرّقت أهواءهم ثاراتُهم | كلُّ حُبٍّ بين أشواك عِداءِ |
جمعوا بغضاءَهم فافترقوا | فاجمعي الأمرَ وصوني الأبرياء |
إن هذا الحسنَ كالماء الذي | راق حتى كاد يخفيه الصفاء |
والرضابُ الْحلوُ لو جدتِ به | فيه للأنفس رِيٌّ وشفاء |
لاتذودي بعضنا عن وِردهِ | كلُّنا يشكو الجوى والبُرَحاءْ |
فانظري ليس الصدَى في بعضنا | دون بعضٍ واعدلي بين الظماء |
وتجلَّى ْ واجعلي قومَ الهوى | للهوى فيك وللحسن فِداء |
هم فداءٌ لك لا بل كلُّ مَن | تحت عرش الشمسِ في الحكم سواء |
أقبلي نستقبل الدنيا وما | يملأ الأعينَ حسناً ورُوَاءْ |
أنت كالجنَّة ضُمِّنت الذي | ضُمِّنته من معدّاتِ الهناء |
واسفِري تلك حُلى ً ماخُلقت | لسوى لثمٍ وضَمّ واجتلاء |
ما رأينا آية َ اللّه أتت | لتُوارَى بلثامٍ وخباء |
واخطِري بينَ الندامَى يحلفوا | أنك الغصن ازدهاراً واستواءْ |
أخبرتهم نفحة ٌ منكِ سَرَتْ | أن روضا راح في النادي وجاء |
وانطقِي ينثرْ إذَا حدّثِتنا | لفظُك العذبُ عن القلبِ العَناء |
إنه الدرُّ فهل يمنحنا | ناثرُ الدرِّ علينا ما نشاء |
وابسمِي من كان هذا ثغره | فتن الزهرَ أريجاً وبهاء |
فدعيه ينشر الطِّيبَ كما | يملأُ الدنيا ابتساماً وازدهاءْ |
لاتخافي شططاً من أنفس | داولت بين خضوعٍ وإباء |
إنْ أجابت دعوة الحبِّ مشت | تعثُرُ الصبوة ُ فيها بالحياء |
راضت النخوة ُ من أخلاقنا | فخضعنا وجمحنا كرمَاءْ |
وسمت فوق الهوى أحسابُنا | وارتضَى آدابَنا صدقُ الوَلاء |
فلو امتدت أمانينا إلى | أسدٍ مالاث كفّاً بدماء |
أو سرت أنفاسُنا في جانبيْ | مَلَكٍ ما كدّرت ذاك الصفاء |
أنتِ يَمُّ الحسن فيه ازدحمتْ | زُمَرُ العشَّاقِ كُلٌّ بِسقاء |
أنقذتهم بعد يأسٍ مُغرِقٍ | سفُن الآمال يُزجيها الرجَاءْ |
يقذف الشوق بها في مائجٍ | ماله من ساحلٍ إلاّ اللِّقَاء |
فهي تجري والجوى يبعثُها | بين لَجّيْنِ عناء وشقاء |
شدة ٌ تمضي وتأتي شدَّة | واعتداءٌ للهوى بعد اعتدَاءْ |
لو علت للنجم نفسي لأتتْ | تقتفيها شدّة ٌ هل من رَخاء |
ساعفي آمالَ أنضاءِ الهوى | يقتل الداء إذا عزّ الدواء |
واكشفي حُجْبَ النوى ينتعشوا | بقَبولٍ من سجاياك رُخاء |
أنتِ رُوحانيَّة ٌ لاتدّعى | غيرَها فالأمرُ كالصبح جلاء |
فاسألي المِرآة َ هل يوْماً رأت | أنَّ هذا الشكلَ من طينٍ وماء |
وانزِعي عن جسمِك الثوب يَبِن | رُبّ حقٍ ضاع في ثوب رياء |
وارفعي شَعْرَك عنه ينجلي | للملا تكوينُ سكانِ السَّماء |
وأَرِي الدنيا جَنَاحَيْ مَلَكٍ | منهما تستمنح النورَ ذُكَاءْ |
نُشِرا في مُجتَلَى ضوء الضحا | خلفَ تمثالٍ مصوغٍ من ضِياء |