الرئيسية » » التمثال | علي محمود طه

التمثال | علي محمود طه

Written By Unknown on الثلاثاء، 6 أغسطس 2013 | أغسطس 06, 2013

التمثال
قصة الأمل الإنساني في أربعة فصول
.
.
أقبل اللّيل ، و اتذخذت طريقي لك ، و النّجم مؤنسي و رفيقي
و توارى النّهار خلف ستار شفقيّ من الغمام رقيق
مدّ طير المساء فيه جناحا كشراع في لجه من عقيق
هو مثلي ، حيران يضرب في اللّيـ ـل و يجتاز كلّ واد سحيق
عاد من رحلة الحياة كما عد ت ، و كلّ لو كره في طريق !!
أيّها التّمثال هأنذا جئـ ـت لألقاك في السّكون العميق
حاملا من غرائب البرّ ، و البحـ ـر و من كلّ محدث ، و عريق
ذاك صيدي الذي أعود به ليـ ـلا و أمضي إليه عند الشّروق
جئت ألقي به على قدميك الآ ن في لهفة الغريب المشوق
عاقدا منه حول رأسك تاجا و وشاحا ، لقدّك الممشوق !
صورة أنت من بدائع شتّى و مثال من كلّ فنّ رشيق
بيدي هذه جبلتك من قلـ ـبي و من رونق الشّباب الأنيق
كلّما شمت بارقا من جمال طرت في أثره أشقّ طريقي
شهد النّجم كم أخذت من الرّو عة عنه ، و من صفاء البريق
شهد الطّير كم سكبت أغانيـ ـه على مسمعيك سكب الرّحيق
شهد الكرم كم عصرت جناه و ملأت الكؤوس من إبريقي
شهد البرّ ما تركت من الغا ر على معطف الرّبيع الوريق
شهد البحر لم أدع فيه درّا جدير ابمفرقيك خليق
و لقد حيّر الطّبيعة إسرا ئي لها كلّ ليلة و طروقي
و اقتحامي الضّحى عليها كراع أسيويّ أو صائد إفريقي
أو إله مجنّح يتراءى في أساطير شاعر إغريقي
قلت : لا تعجبي فما أنا إلاّ شبح لجّ في الخفاء الوثيق
أنا يا أم صانع الأمل الضّا حك في صورة الغد المرموق
صغته صوغ خالق يعيشق الفنّ و يسمو لكلّ معنى دقيق
و تنظرّته حياة ، فأعيا ني دبيب الحياة في مخلوقي !!
كلّ يوم أقول : في الغد ، لكن لست ألقاه في غد بالمفيق
ضاع عمري ، و ما بلغت طريقي و شكا القلب من عذاب و ضيق
***
معبدي ! معبدي ! دجا اللّيل إلا رعشة الضّوء في السّراج الخفوق
زأرت حولك العواصف لمّا قهقه الرّعد لالتماع البروق
لطمت في الدّجى نوافذك الصّم و ضقّت بكلّ سيل دفوق
يا لتمثالي الجميل ، احتواه سارب الماء الشّهيد الغريق
لم أعد ذلك القويّ ، فأحميـ ـه من الويل و البلاء المحيق
ليلتي ! ليلتي جنيت من الآ ثام حتّى حملت ما لم تطيقي
فاطربي و اشربي صبابة كأس خمرها سال من صميم عروقي !
مرّ نور الضّحى على آدمي مطرق في اختلاجه المصعوق
في يديه حطامة الأمل الذا هب في ميعة الصّبا المرموق
واجما أطبق الأسى شفتيه غير صوت عبر الحياة طليق
صاح بالشّمس : لا يرعك عذابي فاسكبي النّار في دمي و أريقي
نارك المشتهاة اندى على القلـ ـب و أحنى من الفؤاد الشّفيق
فخذي الجسم حفنة من رماد و خذي الروح شعلة من حريق
جنّ قلبي فما يرى دمه القا ني على خنجر القضاء الرّقيق !!
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads