رسالة من شهيد إلى أبيه الفلاح ..
شعر : سمير الفيل
وبعد الصبر والفوران..
وبعد الحسرة والتوهان ..
دموعنا ع الخدود سالت ، وعدينا
ما فوق المية والألغام
ومدينا الخطاوي تجيب لغاية قدام
وكنت انت بطيبتك .. يا آبا جوايا
كما خوذتي .. هنا معايا
وكان جدي اللي مات مقهور
..
هنا في يدي دما بيفور
وحطيت القدم ع الجسر
لحظتها شعرت بمصر
بآلامها .. بأحلامها
بترمي كل حمولتها على أكتافي
وزاعقة في كون عافي
بسقيتنا في غيطنا القبلي قاعدة تدور
بضحكة عيلي اللي ماشافش لسه النور
بدعوة شيخنا ع المنبر
بعود م القمح شب أخضر
بحنية ضهري وقت الكف ..
..
ما بيكون حاضن فاسي
ببيت العيلة..
..
وبناسي
عرفت صحيح
بإن البسمة غايبة من زمان يا آبا
ولا سكنتش شفايفكو
ولا عدت ليمتكوا
ولا حتى رغيف العيش بيتدور
ولا التعريشة في المصلى
..
..
يزورها ربيعنا بتزهر
عرفت ساعتها ده كله
عرفت أكتر
أخويا ليه..
..
بقى له سنين ما حطش
رجله جوه مداس ؟
وليه الهدمة دايبة فوق كتاف الناس؟
وأختي ليه شوارها سنين بيتأخر؟
وليه بالجمعة نلقى بيوت ما فيها لمبة بتنور؟
وعدينا
وشلنا الرمل في إيدينا
أنا بوسته
وعفرنا الوشوش منه
وهللنا
في لحظة ما العلم رفرف وعاد للشط
في لحظة ما انتظارنا المر يا آبا اتحط
..
علم بتدوسه أقدامنا
وفيه نجمة غريبة بتكوي في جراحنا
وبصيت .. يا آبا .. ما اتهزيت
لقيت مدفع بيضرب صدر اخواتي
بيضرب أبني الآتي
وناوي يوقف التعدية
قلت رخيصة يا حياتي
ولجل النصر لازم ادفع
أنا اتعلقت في المدفع
ضرب صدري العفي اتقطع
لكن موقعهم اتولع
وعدى كل أخواني
ولو أقدر اعود تاني
أعلق نفسي واتفرتك
أعلق نفس واتقطع
ميتين مرة
عشان النيل معلمني
..
أفيض بالدم ، ولا أبخل
عشان الغيط معودني
..
عيدانه الصح فوق تطول
عشانك أنت وبذاتك
ولما كنت في شبابك
وضعت الروح على كفك
وقلت لمصر : يا بلدي
نديني دمي هيجاوبك
وأنا ـ يا ابويا ـ من صلبك
وصدقني
بالاقي نفس دمع ..
..
وف العيون جاري
وهدمة فوق كتاف جاري
في رمل اتداس وعاد تاني
في راية في السما شابطة
في إيد هابطة
بتضرب لجل سينا تعود
ما تحزنشي..
وكفكف دمعك الجاري
أنا ابنك يا آبا ما متش
وكلمني
في حين ما بتحضنك أرضك
ولوز القطن يتفتح
وأختي تجهزوا شوارها
وأخويا تشتروا له مداسما تحزنشي ..
..
وقول للناس:
أنا ابني مات وكان فلاح
مع موته ومعاه ألافات
يامصر الليل خلاص إنزاح
يا مصر ..
الليل خلاص أنزاح .
* كتبت عصر يوم السبت
6/10/1973
وأذيعت بعدها بأيام في إذاعة البرنامج العام ، القاهرة .
* * نتهجى الوطن في النور ، سمير الفيل ، أصوات أدبية ،
سنة 2000.
.
