تعاليم :
١-
لا تحملي يا ابنتي ماء ً من البئر للغريب ِ
في الجرّة التي قرأنا المعوذّات كي نطرد َ الأشباح ٓ منها ،
فللغريب ِرائحة ٌ لا تشبه عرق ٓ الثيران ِ في حقلنا ،
عمياء ٓ تقطع ُ نكهة ٓ الصنوبر في أنفاسنا .
و بشق ّ الأنفس انتظري حتى أعود بمحراثي وكفيّ كالقٓطر ِ في ريش القطا .
رحلت قوافل ُ البدو ِ دوني تاركين على الكثبان ِوحشتهم
وخوفهم من قدومي خلفهم منهكاً من رقصة الغجر ِ الذين رقّوا لمزماري القديم
فأهدوني حصاناً مروّضاً وقيثارة ً.
ولا تظنّي بي الظنون .
قد أخرّتني الحرب ُ عامين قبل أن أتوه مع الذئاب ِ في هذه الصحراء
أعزل مثل البرد ِ في غرف الموتى .
وقولي لهم : عانقتُ تلك الأفاعي كي أفوز َ برحمة ِالثعابين ِ
أني لم أمت ْ بعد ُمثلما رأوني مضغةً تشقى كما العشب في جوف زواحف ٓ شتّى
٢-
وصلّي ، با ابنتي ، لي بعد أن تتفقدي عيني ّفي صوري التي ذبلت ْ على الجدران ِ
هل ما زالتا تتأملان ، بحِنكة ِ النحلات ِ ، رائحة ٓ الورودِ على سياج البيت ؟! ،
وانتبهي قليلاً للظلال ِ الشاحباتِ على يديْ
وأنا أودّع جارنا الأعمى الذي حث ٌ الخطا بخرافه نحوي ليوصيني بها
لكأنها عمياء َ كانت مثله تترصّد الشِيح الذي ينمو على رأس التلال ِ .
ولا تقصّي سيرتي الأولى على الغرباء ِ
قد يمحون آثار ٓ سٓيري بالوصايا والحنين على المياه ِ ،
ولا تعدّي ما تبقى من بيوت ٍ لم تدمرّها الحرب تلك ٓ
على أصابعي ٓ التي نفذت كخطّ الحب ّ في كفي ّ في منفاي ٓ
خشية ٓ أن يعودوا بالمِدى كي يبتروها .
لا تدل ّ سوى عليهم : صالبو جسدي على سور ٍ المدينة ِ.
واقتفي ، إذ تؤمني بقيامتي ، في درب آلامي ظلالي .
تلك معجزتي .
وصلّي يا ابنتي إذ تنعسي حتى تقومي في غديْ
٣-
واقرئي ، يا ابنتي ، كلما ضاقت ِ الأرض بعدي عليك وصاياي َبيضاء من غير ِسوءٍ
على الراهبات اللواتي انحدرن إلى النهر ِ كي يتفقّدن ٓ ظل ّالمسيح ِ،
وقولي لهن ٌ إذا ما نما في صمتهنّ الحصى :
ذاك وجهي الذي لا يزال ملاذاً لنرجسة ِ امرأة ٍ آمنت ْ ، إذ رأت ْ بين كفي ّمعجزتي ْ، بي
رآه المحبّون ، والتابعون ٓ ، ومقتنصو سِيٓرٍ الذاهبين إلى حتفهم ، والعصاة ُ
على جبل ٍ في الطريق ِ إلى القدس ِ يرمي السلام ٓ على أحدٍ
في مرايا الجنود ٍ الذين رأوني على جنبات ِ الصليب ِأحث ّ الخطا نحو باب القيامة ِ
مستبشراً بدمائي على معصمي ّ وشوك ِجبيني .
واقرئي ، يا ابنتي ، من كتابي
على القانطات ِ اللواتي أجٓزْن ٓ لغفرانهن ّ العبور إلى زفرات ِ رجال ٍ كثيرين
حطّوا الأيادي على صنم لا يموت سوى معهم
ضجرين من الشهقات ِ التي ذبلت ْ في الفراغ المؤدي إلى ساحة ِالرجم ِ ،
ثم ّ جحدْن َ بعِبراتهن ّ ، كعيني ضرير رمتْهُ عصاه ُ بشيخوخة الأبد ِالمتجوّل ِبين الأزقّة ِ،
حين أعاد ٓالشهود ، كمن ضيّع الماء بين جِرار ِ القرى وأصابع ِ قتلى الحروب ِ ، فساتينهن ّ
معطّرة في المساء إلى وارثيهن ّ
وقولي لهن ّ إذا رجموهن ّ ، بعدي ، بِسَقْطِ ٍخطاياهم ُ الآيلات ِ إلى جمرة ِاليأس ِ ،
أو قذفوهن ٌ ، مثلي ،بِكيد ِ الكلام ِالمجعّدِ مثل َ روائح ِ أنفاسهم :
لم أكن ْ بينهم
بينما كنت ُ أعلو ، كما أشتهي ، كلما أولموا جسدي للحصى درجات ٍ عليهم بِخٓبْطِ أنيني
***