الرئيسية » » لا تنتهي الحرب إلا لمن ماتوا | عبد الله عيسى

لا تنتهي الحرب إلا لمن ماتوا | عبد الله عيسى

Written By Unknown on الأحد، 24 أغسطس 2014 | أغسطس 24, 2014

لا تنتهي الحرب إلا لمن ماتوا 



١-
لم نكن وحدنا كلّنا قادرين على موِتنا كله . 

بينما كان ظلكِ ، حين تمرّين فوق التلال البعيدة ، يحرس ورد السياج . 
وعمياء كانت تماثيلهم في الحدائق ، 
لكنّنا ، إذ رأينا ما رأينا من الزفرات النحيلات تحت قميصك ذاك ،  
علمنا بأن الذين قضوا قبلنا شهدوا المجزرة ْ. 

لم نكن قادرين على كلّ هذا 
أتيناك حين أضعنا الطريق إليك ، 
ولم يتركوا حجراً كي يدلّ علينا . 
وكانت أصابعهم تتربص  فوق زناد البنادق بالماء إذ يتفجّر من بين أصلابنا 
لم نكن وحدنا خائبين وعُزّلَ بالزفرات النحيلات تحت قميصك 
نمضي إلى غدنا بروائح بوّابة الآخرة ْ. 


٢-
لا يحث ّالخطى خلف سيرته  مثلما عهدته الطيور التي خبأت ظلّها في حديقة جارته الأرملةْ . 
لا يرد ّالسلام على عابر في الطريق إلى بيته ، مثلما كان مستبشراً ، قبل أن تبدأ الحرب . 
لم يدلقوا الحبر فوق أصابعه قبل أن يبترالقادمون بزيّ الرواة وأنفاس طرّاق آخرة الليل .

هل شاهدوا حلمه يعبر الطرقات ، ويصغي لراهبة تحرس الدير خلف التلال بنظرتها الذابلة ْ؟
هل كان يسند فكرته في المساء على كفه ،
ويغنّي كعادته في المرايا لسيّدة لم تزره سوى مرة واحدةْ ؟
  
لم يصلّوا عليه. اكتفوا في الصباح بأن ورثوا
 ، مثلما فعلوا دائماً بالرجال الذين مضوا وحدهم، بيته 
دون أن يبصروا دمه في الكؤوس على المائدةْ .
 
٣-
ليتني قلتُ ما لم أقلْ : 
الخريطة تلك التي سقطت على حائط ساقطٍ مزّقتها جنازير دبابةٍ لا تَرى ، 
بينما خوذ الجند مالت على جثة في الطريق الى الدير حيث استراحتهم بين حربين ، 
ثمّة أيقونة في يد الطفل تحمي المدينة من خوفهم أن يموتوا قريباً
من السور في خلسة عن يديهم . 
ليتني قلتُ :  
أن  الورود التي لا تزال تكلّم أسماء قتلاي فوق الشواهد كانت على شرفات البيوت الأخيرة أجمل َ. 
من ماتَ ماتَ
فصلّوا لنا إذ نردّ النعوش الى أهلها 
حين نغفو على ظلنا حارسين الطريق الى البيت  من ضجر العابرين على العشب 
صلّوا لنا 
كلما مسّنا حبّ من قد نحب ّ إذا ما بقينا على قيد تلك الحياة 
وصلّوا لنا 
عندما يحتمي قاتلونا بأجسادنا بين حربين حتى يعودا إليهم . 
ليتني 
قبل أان يقتلوني على غفلة من يديْ لم أسلمّ ْ  عليهم .

 
٤-

بأصابع النسيان أرسم صورة في الظل 
للجثث التي ذبلت على الطرقات مثل صدى يد ٍ بُترت ْ
لحفّار القبور ،
لعشبة ٍ جفّت ْ على أنفاسها الخضراء تحت القصف ٍ ، 
لي  
لا تنتهي الحرب التي لم تنتهٍ
إلا لمن ماتوا 

***

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads