الرئيسية » » صلوات مؤجلة | عبد الله عيسى

صلوات مؤجلة | عبد الله عيسى

Written By Unknown on الأحد، 24 أغسطس 2014 | أغسطس 24, 2014

صلوات مؤجلة 


إلى فوزية الحسن .
أمي ، أم السوسن والخبيزة .
١- 
شاخت ظلالُ الدوالي على وحشة المصطبة ْ
وانحنى ظهر ُ ذاك َ الحبق ْ
....
إنني صوتُها نام في عتمة ِ العتبة ْ
بعدما في النداء ِ علي ّ احترق ْ
٢-
لم أزل أيتها الأم
في نَسغ ِ عُقصَتِك ِ الكستنائيّة ِ خيطاً يشيب ُ
ومحنتُه ُ في يديك ِ
وأنت ِ ترُشّين َ ملح َ الدعاء ِ على صورتي في مرايا حليبي 
خطاياه ُ
...
...
هذه أمي ياسيدي اللهُ
هذه أمي ، وليست إذن خشبَ النخل ِ
حتى إذا راودتك َ رياحك َ هزّ دمائِعها في غيابي يهز ّ صليبي ..
.....
 ٣-
لا أزالُ
نسيت ُ شموعي على حائط ٍ يتأخّر ٌ في الليل ِ
 حتى يضيء عصاك ِ الطويلة َ
كي ، عبثاً ، تبحثي عن صدى اسمي الذي انهدّ في شفتيك ِ
ردمت ُ خطاي َ ورائي
وبعثرت ُ كل ّ التفاصيل ِ بين أصابع ِ موتى بلا ذاكرة ْ
وتماهيت ُ في الظل ّ
..
لكن ّ روحي أسيرة ُ نعناع ِ شايك ِ
أو ميرميّة ِ ضحكتك ِ العاطرة ْ
لا محالٌ إذن ْ
لا مُحال ُ
٤-
أيُّ الكلام ِ هناك َ تأوّهتِ فوق شفاه ِ الزجاج الشتائي ِّ
حتى ارتجفت ُ وراء ستائر ِ ذاكرتي ، هاهنا ، مثل نهر ٍ
يفيض ُ بلا عودة ٍ أو بقايا ؟
وأي ّ صلاة ٍ فركت ِ بحبر ِ صداها  قلوب َ الملائكة ِ الطيّبين َ
 لئلا تعكّر َ رفّات ُ جنحانهم
، وهي تحرسني خلف ظلّي ، سُكون َ خُطاي َ؟
وأي ّ الأراجيح ِ صُغت ِ على كتفيك ِ النحيلين ِ
حتى حَبَت ْ باحتماء ِ الحكايا
طفولتي َ المُيتفيضة ُ ؟
أي ّ الحدائق ِ في جِهتَيك ِ؟
:
هنا الثلج ُ سوّرَ عمري بآثامه ِ ،
وعلى مقعدين ِ رمى صُورتَي َّ
كأن حضوري الورود ُ التي ذبُلت ْ في حدائق قتلى بغير انتظار ٍ
كأن ّ غيابي الأبَح َّ ضجيج ُ المرايا .
٥-
أنت ِ أيضاً
تخيّلت ِ وجهك ِ شمساً على صفحة الماء ِ نائمة ً
وكنورسة ٍ
 خلقت ْ لونها ، ثم ضيّعها في اضطراب جناحيه ،
طِفت ِ
، بقلب ٍ طريٍّ ومستوحش ٍ باحتمال الحياة ، النهار َ البعيدَ
ولقّنتِه آخر الدمعات ِ
لأن ّ انتظار غدائك ِ حتى العشاء هناك َ
سيُذبِل ُ عودي هنا ..
أنت ِ ايضا ً
تحبّين َ طعم َ احتراقك ِ كالنار ِ
تلتهم ُ الريح َ حين تجوع ُ
وتحنو على قدّر ِ السوسنة ْ
أنت ِ أيضا ً
تدلُّ عليك ِ النجوم ُ التي تنزوي فيك ِ حين تلُمِّين َ من دربي َ المنحنى
والحصى الخائنة ْ
أنت ِ أيضاً
وأيضاً
إذا مسّ قلبَك ِ زيت ٌ أشد ّ غموضا ً من الليل ِ في جوف ِ عمياء َ
أو خيبة ِ الانهيار ِ النهائي ّ ،
أو لسعة ِ الموت ِ
لا تفزعي منه ُ
هذا أنا .
٦-
  
لم يعد ْ لازماً أن تظل ّ يداك ِ على ذلك النحوِ :
مصباحنا نائم ٌ في الظهيرة ،
لا ظلَّ بعد ُ لعينيك ٍ كي توقظيه 
فلا يتلاطم ُ فوق السلالم ِ خطوُ ضيوف المساء الكتيمين َ .
هل ذهبوا تاركين على صمتك ِ المُسترين بهوت َ الكلام ِ البطيء ؟
لم يعد ْ لازما ً أن تظل ّ يداك ِ على ذل..
لاوقت َ يكفي لكي يُسرفا فوق رأسي ارتعاشات ِ لونيهما ،
وهما يقبُضان ِ على  قلب ِ خوف ٍ تمطّى كما القمل فيه
ومن قلق ٍ ، ثانيا ً
سيفِرُّ إليك ِ
وماؤه مضطرب ٌ كمرايا الصدى في الضجيج الرديءْ
لم يعدْ لازما ً أن تظل ّ يداك ِ
هنالك َ تنتظران ِ
 وتستبقيان ِ عناقا ً بسيطاً
ومكتملاً كإله ٍ مُضيء ْ
لم يعدْ
لا
أحدْ سيجيء ْ
٧-
لم أزل 
قشة في وسادة حلمك ، لكنني
في يديك قميص دمي 

تعب ابنك يا أمنا من دبيب النداء علي 
وقد دمل العنكبوت بأحبال صوتي فمي
٨-
مضت وحدها في الطريق الذي لم تعدْ منه ، 
ما وّدعتْ أحدا ً كي تعود ، 
ولم ترْمِ في بئر ِجار ٍلها حجرا ً ، 
لم تقل لغريبٍ : لماذا رطنتَ على حائظ البيت ؟ 

لكنها خبّأتْ حزنها عن نساء القرى 
في الطريق الذي لم تعدْ منه . 
جِيءَ بها  
في الحديث الذي طال بين مشيّعتين ٍ
وما أفسدت نومها الحربُ 
لكنهم أوقفوا قلبها في الطريق الذي لم تعدْ منه بين الحواجز 
العائدون إلى أمسهم كصرير الرحى 
لم يروا في جنازتها ، حيث كانت يدُها الموت عمياء ،  ما لا يُرى 

٩-

لم يصدّقْ رواةُ الحديث الذي شهدتهُ نساء القرى 
بالذي شهد المؤمنون به ، والعُصاةُ .

الطيور التي سكنت تحت شبّاكها تركت للأفاعي الغريبة أعشاشها 
ومضت خلفها في الطريق الأخير إلى دارها حيث ريحانتان تعّان ان رائحة ًلاسمها تٌشتهى . 
والنجوم التي ظّللت راحتيها بخبط الملائك وهي تصلي لأجلي ، منتصف الليل ، 
لم تأتِ إلا لتحرس وحشة أحفادها بعدها مطلع الفجر ، 
فيما تمرّ الحياة ُ
على جنبات الطريق كظل غريب .

لماذا تقصّ رؤاك على أحد ؟ 
كان أمراً خصّه الله بي ، وانتهى . 
٤-
السلام على قلبها نائماً في ظلال الملائكة الطيبين ، 
السلام على صوتها ما يزال يرقّ ، 
كما شهقتيْ نجمةٍ فوق سطح البحيرة ، وهو ينادي علي 
وما عدتُ 
قد أخّرتني منافي ّ
والحرب تلك التي قرب فبرك تفسد فوق الشواهد غفوة أسماء قتلى يجيئون منكسرين 
فلا يدخلون ولا يخرجون 
ومثلك
ينتظرون الحفيد المدلّل كي يقرأ الفاتحةْ
ليتنا لم نجدْ غدنا بيننا البارحة ْ 
٥-
لم أكن أكتفي في الصباح بصوتك كي أستفيق ، وأبقى  
ولا بيديك المبللتين بأجنحة لا تُرى لملائكة لا تُرى تمسحان غبار الكوابيس عن جبهتي الباردة ْ. 
لم أكن أحتمي ممّا سوّل لي المخبرون وطرّاق منتصف الليل
والأصدقاُء الذين رأوا جسدي بينهم ميتاً في العراء ، فخانوا عشائي الأخير 
ونفسي التي زيّنت لي سوأتي 
سوى بظلال دعائك بين صلاتين . 
لكنني 
بعد موتك 
لا أكتفي بي 
شبيه الحلازين في باطن الأرض أشقى 
***

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads