الرئيسية » » فِتنة ُ الشهداء في جمعة ِ الصُلبان | عبدالله عيسى

فِتنة ُ الشهداء في جمعة ِ الصُلبان | عبدالله عيسى

Written By Unknown on الأحد، 24 أغسطس 2014 | أغسطس 24, 2014



لا يُدفَنُونَ وليسوا يُبعَثونَ . بنا أحياءُ يَبقُونَ في الأصلابِ أسماءَ السُلالة ِ، أو أوصافَ أحفادِنا فيما لقاتِلهمْ أن يشتكي للرصاص ِمن براءتِهم وأن يُرقّصَ ما يشاءُ تحت َعماماتِ الشُيوخِ وحِنكةِ الرُواةِ أفاعِيهِ الغريبةَ والعصا .

سلاما ً أيها الشُهداء ُ
العائدونَ إلى أيامِنا قبلَنا
المُستبشِرونَ بزهرِ التينِ ينمو على قمصانِنا مثلَنا
تمضي جنازاتُكم بنا إلى يومِنا الماضي إلى يومِه الآتي
برائحةِ البارودِ تعلو بسبّاباتِ أُخوتِنا
جئنا مظاهرةً أُخرى بأنسابِنا الأولى لنُقرِئَهمْ سلامَنا
فتًوَلَّوا مُعتَدينَ على أنفاِسنا بالبساطيرِ الثقيلةِ و الغازِالمُسيّلِ للدموع ِ.
تلكَ يدي مبسوطةٌ لعناق ٍ يا أخي ، فاتّخِذْها إن تشاء ُ عصى ً تسعى
ليَرتفع َ القتلى درجات ٍ بين أشباهِهم ْ
فلا تمُدّ يدا ً أُخرى لقتلي
ودع ْ إذن غدَنا يلهو بدفتر ِ رسم ِ أولادِنا .

أَعّْذُرُ الغبارَ إذ شاخ َ، مبخوعا ً على نفسِه ، على سلاحك َ
فيما كان أعداؤنا يأتون جَمْعَا ً بمِحراثِ الذُكورةِ ذاتِه إلى خُدورِ نِسائِنا
وأشكوك َ لي أن ِ اتّخذت َ دمي المكلومَ من دُبُر ٍ على قميصي نبيذا ً لاستراحتِهم على أَسِرَّتِنا
كأن أعداءَنا يَحمُونَ ظَهرك َمن خوفي عليك َ بِذئبِهم
لتغرُزنِي في غيهبِ الجُب ِّ أرعى وِحشتي بصدى أشباحِ قتلايَ.
لا أرى أظافرَهم إلا بوجهك َ يرغو في مراياك َ غامقا ً بصرْخاتِهمْ
لا شيءَ يُوحي بهم هنا سوى دمِهم وقد تَخثَّرَ في عينيكَ .
أنّى حَللْتَ سوف يَتبَعُك َ القتلى بلعناتِهمْ
ويأسِنا من دبيبِ أنفاسِك العمياء تصدأ في رنينِ أصفادِنا .

وسوف أحرس ُ منكَ نومَهُم بصعودي مثلهم جُمعةَ الصُلبان أعزلَ بي .
أرى ، فتَنْصُت ُ :
كنّا لا نخافُ سوى آثارِ أنفِك َفي الأرجاءِ يلهثُ خلفَنا
ويخنُقُ في رئاتِنا ما تبقّى من هواءٍ طازجٍ بعده ،
لكنّنا نحتمي بالورد ِيرميه قتلانا على الشرُفات ِمن رصاصِكَ
عدنا مثل بَسملة ٍعلى شواهدِهمْ
لنصطفي آيةَ الكُرسي ِّ جارتَهُم على الحيطان ِ
في صورٍ تُبشّرُ الحَي ّ بالصراطِ يُؤتى به ، فلا نُكذّبَ رؤيانا
ونقوى بفتنةِ الصبرِ في أجسادِنا .

وسوف َ أترك ُ جُثتي تئن ٌّ على سورِ المدينة ِ مثلي
بفتنتي بخبط ِ دمي ألومُك َ : يا أخي
لماذا قتلتنَي وعدت َ بخيبتي إلى غرف ِ الموتى لتغفو على الزنادِ سبّابتاك َ فتنة ً-
لعنة ً أيقظتَها إذْ نُوديت ُ لأعبر َ حلمي دون أن تتعثّر َ الجنازيرُ بي
فيما اطمأنت يدا عدوّنا لصدى نومِك َ
يا حارسَ الظلامِ في السجنِ والمرعى
ومُختلس َ المعنى القديم َوفِطنة َ الملح ِ في خبز ِ اليتامى وأبناء السبيل ِ
مُقايض َ الموت ِبالكرسي ِّ والحرس ِ الأعمى علي ّ َ
وقاهر َ النهر ِ والدُفلى

تَنوء ُبعينيك َالممرّات ُ والصبّار ُ في باطن ِ الوادي
تنوءُ الزغاريد ُ التي ترفع ُ المشيّعين َ على الأوصاف ِ
أعلى كثيراً من جنازير ِ دبّاباتك َالتائهات ِ بين أجسادِنا
والنسوةُ الذاهبات ُ في الصباح إلى فحوى غِواياتهن َّ في المرايا
وما رأت ْ مخيِّلة ُ الغريب ِ من خافيات ٍ في ظلالِ الصبايا
تنوءُ قبلة ُ العاشقَين ِ تخطف ُ الرَعَشات ِ خلسة ً عن يديك َ الضّالتين ِ
وسَجدةُ المصلّي تَرِق ُّ بالدموع الطيّبات ِ
ينوء ُ الوعل ُ والحور في الغابات ِ
والبئرُفي البيت ِ القديم ٍ
ينوء ُ القوس ُ باسمكَ والتمثال ُ
والضوء ُ ينزوي حين تجيءُ على رصيف ِ أعيادِنا

فَخُذ ْ حصارَكَ بي ،
وعُدْ ، كمن يتذكر ُ الحياة َ ، إلى خزائن ِ الميِّتين َ
الطيرُ تدفن ُ في الشوارع ِ الشهداء ِالصاعدين َ على صُلبانهم بوصايا الأمهات ِ
وكُن ْ ما شئت َ
لكنّنا نظل ُّ مبتسمين َ في هذه العَتماتِ
حتى نصدّق َ أن الموت َ
موتك َ هذا
لم يعُد ْ يتنفّس ً المقابرَ في وجوه ِ أولادِنا

*شاعر فلسطيني مقيم في موسكو

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads