حضرنا إلى نهرنا نستقي
حضرنا إلى نهرنا نستقيه | ففي مائه عسل ذائب |
وننشده كل ما يشتهيه | فشعر بصهبائه لاعب |
جزائر مخضرة عاليات | بأذكى الأزاهير في عطرها |
ومن حولها أعين ناعسات | تعلم هاروت من سحرها |
وهذي حمائم صيادة | إذا نظرت سمكا تخطف |
بسحر الأغاريد فتانة | ففي حلقها وتر يعزف |
وهذه فلائك مبثوثة | على النهر تسأل من يركب |
بأحنائها الحور موقوفة | على من له درهم طيب |
أراني من الفقر في محنة | متى أغتنى آه لا أعرف |
وحب المحب بلا ثروة | خيال من العقل لا يوصف |
من السابحون على لنشهم | وأجسادهم فضة تلمع |
تكاد المقاذيف من بطشهم | بسحر الصبا جهرة تخضع |
ظباء من الإنس لا يغرقون | فما لي بوجدى بهم أغرق |
وإن نطقوا لحظة يبغمون | فيا ظبى قل لي متى تنطق |
ودين ثقيل يهون يهون | سأقضيه مما جنته العيون |
وأصفح عن محنتي بالفتون | ورمى فؤادي بسهم الجنون |
وإنسانة من بنات الشطوط | بألحاظها خمرة قرقف |
على الرمل سطرت تلك الخطوط | فما لي إلا وصلها مسعف |
تخاطب باللمح من لا يفيق | ففي كل حسن له مسكر |
بطعم المحاسن في ثغره | وفي قلبه يعرف السكر |
ولا يعرف الرفق بالغانيات | فذلك في رأيه منكر |
ويسقى الخرائد من كأسه | فتنقاد طوعا لما يأمر |
أقمنا على الحب أيامنا | لنهصر في الحسن ما نهصر |
على العاذلين نؤدى السلام | ففيهم لأحقادهم مقبر |
ذوى عصرهم وزها عصرنا | لنا في حياة الهوى أعصر |
شدا قبلنا شعراء الجمال | وإني وإن أبدعوا أشعر |