الموتُ والحياة
حمزة قناوي
(إلى أبي رحمه الله)
| |
.
| |
.
| |
.
| |
كان يَحيَا كَمَا النَّسمَةُ الحَانية
| |
حينَ تَعبُرُ في وقدةِ القيظِ فوقَ الجِباهْ
| |
يلوحُ لنا باسِماً – رغم ضيقَ مَعيشَتِهِ –
| |
مُفعَماً بالحياهْ
| |
كان يأتي فَنَجلِسُ
| |
نَلْتَفُّ حَولَ حِكَايَاتهِ
| |
نَستَضِيءُ بأنوارِ حِكمَتِهَا
| |
ثُمَّ نَغفو .. ونَصحو فلا نلتقيهِ
| |
إذا راحَ كالطَّيفِ بينَ أقاصيصِهِ أو رؤاه !
| |
إن يجيءَ المساءُ يعودُ وقد غَضَّن الجهدُ جَبهَتَهُ
| |
وعلى وَجهِهِ أثَرٌ من غبارِ الكِفاح
| |
وطيفُ ابتِسامٍ مريرْ
| |
أحَبَّ الحياةَ على قَدرِ ما أتعبَتهُ الحياةْ !
| |
كُنتُ أجثو بجانِبِ وقفته في رحاب الخُشوع
| |
يصلي بعينينِ رُقرِقَتَا بالدُّموع
| |
ووجهٍ يَفِرُّ الأَسَى مِن رِضَاه
| |
قَالَ لِي مَرَّةً " فلتَغَب يا بُني عن الكونِ
| |
كي تَلتَقي رُوحَكَ المُرتَجاة ْ !
| |
غِب عن الجَسَدِ المُنتَهي
| |
خابَ من ظَنَّ أنَّ الحياةَ اقتناءٌ وجاهْ "
| |
رُحتُ أَنهَلُ من فَيضِ حكمتِهِ
| |
وأراهُ يعيشُ على الأرضِ دَفقةَ ضوءٍ
| |
إذا راح يعملُ مُجتَهِداً
| |
يُخلَصُ النُّصحَ للناس .. يرفقُ لينً بأبنائهِ
| |
يُسعِدُ الزَّوجةَ الصابِرة
| |
يستضيفُ الغريب
| |
ويقنع بالرِّزق مُبتَهِجاً – رّغمَ قِلَّتِهِ –
| |
بابتسامِ رَضا
| |
قَرَّ فوقَ الشِفاهْ
| |
ذات يومٍ مضى قاصِداً رِزقَهُ
| |
باكِراً كالطيور
| |
يسيرُ على الأرضِ في أُلفَةٍ باسِماً للصباح
| |
حينَ لاحت على البُعدِ سيَّارةٌ
| |
تَنهَبُ الأرضَ لاهِثةً
| |
كانَ يَعبُرُ نَهرَ الطريقِ
| |
وفي لحظةٍ كان مُلقىً
| |
................................
| |
................................
| |
................................
| |
وفَرَّ الجُناةْ !
| |
-------------------------------
| |
" كيفَ حالُكَ يا وَلدي ؟ "
| |
قالها واحِدٌ حاوَل الآنَ أن يدفِنَ السِّرَ في صوتِهِ
| |
ولكِنَّني كُنتُ أقرأُ فاجِعتي في عيونِ النُّعاهْ !
| |
صارت الحكمةُ الواثِقة
| |
سكوناً طويلاً
| |
وعشقُ الحياةْ
| |
ذبولاً
| |
وصار أبي رَقماً
| |
في مِلفَّاتِ قيدِ الوفاهْ !
| |
-------------------------------
| |
الحياةُ انتَهَت
| |
غير أنَّ أبي لم يَمُت !
| |
لا يموت الذين يعيشونَ لا يُخفِضُونَ الجِباهْ
| |
عَلَّهُ الآن يَعْمُقُ إحساسُهُ
| |
- بعدَما قد مَضت روحُهُ عن لهاثِ الجَسَد –
| |
بالسكون الذي رامَهُ عبر أيَّامِه
| |
السُّكون النَّجاهْ !
|