الرئيسية » » صاحِبُ الخُطْوة آدم فتحى

صاحِبُ الخُطْوة آدم فتحى

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 6 مايو 2013 | مايو 06, 2013

صاحِبُ الخُطْوة

ظَهْرُهُ إِلىجِذْعِ الأرْضِ، في يَدِهِ الجَرِيحَةِ جَرَّةُ كَلِمَاتٍ، وبَيْنَ الجرْعَةِ والأخرى يَمْسَحُ فَمَهُ بِكُمِّ قميصي، فتَدْفِنُ الأشجَارُ رُؤوسَهَا مَذْعُورةً في دَمِنَا المُضِيء.
- ما اسْمُكَ؟
- لا أَعْرِف. اِرفَعْ ذاكَ الحَجَر (كانَ وَرْدَةَ رَمْلٍ) سَمِّنِي بِلَوْنِهِ، شُمَّ تِلْك الزَهْرة (كانت زَهْرَةَ شَمَّامٍ) نَادِنِي بِرائِحَتِهَا. وأنْت؟
- يَقُولُونَ ثَمَّةَ مَنْ يَحْمِلُ عن الشاعِرِ اِسْمَهُ، لِيَفْرَغَ إلى حِفْظِ أَسْماءِ الآخرين.
- ذاكَ هو اسْمِي. ألا تَعْرِفُ أنَّ الآخرِينَ
أَحَدُ أَسْمَاءِ الشاعِرِ الحُسْنَى؟

يَشْرَبُ كانَ وفَمُهُ إلى الجَرَّةِ، فَيَحْدُثُ شَدْوُ البُلْبُلِ والكنارِي وأُمِّ الحسن. بِكُمِّي يَمْسَحُ شَفَتَيْهِ فَتصِيرُ المَرَايَا والجَداوِلُ. وفيما يُلْقِي بِالجَرَّةِ إلى جِوارِهِ، قطراتٌ من الكَلِماتِ والدَمِ تتطايَرُ وحيثُ تحُطُّ تَنْبُتُ قَصَائِد

في البَعِيدِ حيثُ يهشُّ بيدِهِ الجرِيحَةِ على الرذَاذِ
يخضرُّ الخرّوبُ والسرْوُ
تكْسُو القصائِدُ أجْنِحَةَ الحجَلِ والزرْزورِ والحساسين ذات المناقير المُضِيئة
الجِبَالُ والمُدُنُ
البُنُوكُ
نَاطِحَاتُ السُحُبِ
تتضَاءلُ في حَضْرَتِهِ المهِيبَةِ، تُصْبِحُ
رُؤوسَ أرانِبَ برِيّةٍ
تُطِلُّ مِنْ جُحُورِهَا، مَذْعُورَةً، على
عَابِرٍ غَرِيب.

جُبْتُ البِحَارَ السَبْعَةَ، قَالَ، وَقَفْتُ على جَبَلِ النُحَاسِ، هُنَاكَ إِذا سَقَطَ القَلْبُ رَنَّ كَجَرَسِ البَقَرَةِ الحَلُوبِ. جَرَّبْتُ قَاعَ الحَيَاةِ، قاعَ الحَيَاةِ السُفْلَى التي هِيَ سَمَاءُ الحَيَاةِ. حَارَبْتُ التِنِّينَ ذَا الرُؤوسِ السَبْعَةِ. أَقْطَعُ الرأْسَ كُنْتُ فَيَنْبُتُ مَكَانَهُ الفجْلُ والبَصَلُ والقرّاص. شربْتُ الشايَ معَ جازِيَةِ الهِلالِيّينَ. دَخَلْتُ أورشَلِيم، كانَ الليلُ شابًّا لكنَّ الخَمّارِينَ أغْلَقُوا الأبواب. دَخَلْتُ بَيْتًا فإذا أنا في العراءِ، عن يَمِينِي بَغْدَادُ وعن شمالِي تَلْمَعُ أضواءُ تامغزاءَ أو بيروت.

أَنَا صَاحِبُ الخطْوَةِ، قالَ، كُلّما وضعْتُ قَدَمًا
أمامَ أُخْرَى
سَلَحْتُ جَسَدًا وراءَ آخَرَ ولمْ أَجِدْ
روحي
دَخَلْتُ نَدَمًا بَعْدَ آخَرَ ولمْ أَجِدْ
سلامي
تَرَكْتُ بَلَدًا خَلْفَ آخَرَ ولمْ أَجِدْ
حتّى الآن
سارِقَ النار
لمْ أَجِدْ
حامِلَ المصباح.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads