الرئيسية » » سيّدُ الظِلال آدم فتحى

سيّدُ الظِلال آدم فتحى

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 6 مايو 2013 | مايو 06, 2013

سيّدُ الظِلال

أَمْسِكْ بِجَسَدِكَ (قَالَ) أَمْسِكْ بِجَسَدِكَ جَيِّدًا، وهَشَّ بظلّه على قطيع ماعزٍ لم يرهُ أحدٌ. كُنَّا هَابِطَيْنِ مِنْ أعَلى البَراءةِ وقد تأخّرَ الوقتُ، على أكتافِنَا غُبَارُ الحِكاياتِ وتحْتَ أَقْدَامِنا تَنْزَلِقُ الكُهوفُ بئرًا بعد أُخْرَى. أَمْسِكْ بِجَسَدِكَ الضَعِيفِ كي لا تَسْقُطَ غريبًا.
- لَكِنِّي لا أخافُ السُقوطَ. السُقوطُ صديقي الوَحِيد.
أَمْسِكْ بِجَسَدِكَ (كَرَّر) ولم يُجِبْنِي.
................................
هَبَطْنَا مع المطَرِ (هل كنت ُ قُنْفُذًا جرحهُ الصمتُ؟) هبطنا في هوّةِ المطر (هل كان أَحَدَ أَيائِل الجبالِ؟) وفي قاعِ الهُوّةِ دخلْنَا سراديبَ لمْ يَدخُلْها قبْلَنَا أحدٌ، جلسْنَا نأكُل التمرَ على صناديق مَخْتُومَةٍ بالليْلِ، وعند المنعطَفِ الأخيرِ، تراءتْ لنا قُرًى رخْوَةٌ، لعلّها ظلالٌ، تنظر إلى نفسها وتعْوِي من وراء نوافذَ حجريّةٍ، مثلما تعوي الذئابُ، أَشارَ إِلَيْهَا ورَفَعَ ظِلَّهُ مِنْ على الأرض، رَفَع ظِلَّهُ مثلما تُرْفَعُ العَصا أو النخلَةُ وبِهِ وخَزَنِي في صدْرِي مَرَّتَيْنِ، ثلاثًا. أَرَأَيْتَ (قالَ) عاقِبَةَ مَنْ لَمْ يُمْسِكْ بِجَسَدِهِ؟
- لَمْ أَرَ شَيْئًا. لَمْ أَرَ إلاَّ ظِلالاً تَعْوِي مِنْ وراءِ نَوافِذَ عَمْيَاءَ.
وَلَمْ يُجِبْنِي.
كانَ قدْ نَسِيَ أنْ يُمْسِكَ بجَسَدِهِ جَيِّدًا، ومات.
.............................
لَمْ أَغْفِرْ لَهُ بَعْدُ.
لَمْ أَغْفِرْ لِأَحَدٍ، مِنْ يَوْمِهَا أَنْ أَهْبِطَ المَطَرَ وَحْدِي، وَلاَ أنْ أُمْسِكَ بِذِقْنِي (علىرأيِكَ يا جَدّ)أو لَحْدِي (برجي المُمَدَّد)أو نَدَمِي(غِمْد أحلامي) دون أن أرى الكهوف تَبْتَعِد عن قَدَمِي، وَلاَ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتًا يشيرُ إلى فَرَحٍ لا يراهُ أحدٌ.
هَاهُوَ سَيِّدُ الظِلاَلِ
أَمسِكْ بجسدكَ (يقول) أَمْسِكْ بِجَسَدِكَ من ضعفه
أَمْسِكْ بجَسَدِكَ من ضُعْفِهِ البتّار
قُلْ لَهُ اِمْضِ في طريقكَ، اِمْضِ في طريقك إلى آخر الطريق، سترى الحصانَ الأَبْلَقَ لا تَقْرَبْهُ، والسنابلَ الذهبيّة دَعْها تترنّح كنهايات القرون، سَيَلُوحُ لك القصر المرصود ذو الأبواب السبعة، والينبوعُ المتدفّق من حرائقك الداخليّة، ستشمُّ رائحة التفّاح الذي يفوح دون أن يَرُدَّ الروح إلى أحدٍ، ستسمعُ من بعيد صوت الناي السحريّ، وخشخشةَ أحلامك تتقاطر حجرًا حجرًا، في قاعِ بئرك التي بين الضلوع، ستمرُّ بحانات عديدةٍ لا يدخلها أحدٌ، فيما يخرج منها الجميع، وفي الضباب سيتراءى لك شبحٌ يشبهني، ستراه يَلُوحُ ويختفي محفوفًا بالخسارات، لا تسأله من أين جاء، ولا كيف أمكن له أن يفرح...

اِمْضِ في طريقك إلى آخر الطريق
ستراه كلَّ صباحٍ يَسْتَقْبِلُ
فُرَصَ الفرح
كما لو أنّه يعرض
صدرهُ
لرصاصةٍ
طائشة...



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads