الرئيسية » » عبدالله عبيد | مقاطع ليلية للذئب المشنوق

عبدالله عبيد | مقاطع ليلية للذئب المشنوق

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 6 مايو 2013 | مايو 06, 2013


I
سوف أُخْرجني حجراً أسوداً من تواريخهم ،
فمكاني هنا وهناك ، أنا آخري ، أشبه الريح،
لي لغة عنكبوتٌ،
سؤالي الطريق إلى جسدي
ما العبور على جثة الماء ؟
رأسي ثقيلْ ،
وأنا ليس لي في دم الوقت ما أشتهيهِ
دمي يتفصّد حين ألطّخ هذا المساء بخيبات
من رحلوا..!
كرةٌ ، غابةُ ، نهرٌ أحمرٌ ، هو هذا الوجود
معي شجر الموت يدفعني للخلاص فأترككمْ
قبل أن يشنق الذئب في داخلي .

ها هو المطر الآن يغسل نبتــتهمْ،
والسوادُ المبلّلُ يـحرثُ صحرائه بالمجاز،
جذورك أيتها الأرض تنكرك الآن
أمسكها قبل أن يَفتح الفجر لي شارعا في المهبِّ،
أشدّ انتمائي على صخرةً لا تلامسها موجةٌ تائهةْ

( يكمل الليل دورتهُ الدمويَّةَ فيَّ وينتفض الطائرُ
اللولبيُّ على كتفي
تتجمد نار الكنايات في فضّتي بينما يشعل الآن
ثلجتهمْ.. أنني حارسُ الـخزفِ
لم أراقص تماثيلهم- ليلة الأمس- لم تختلط
في دمائي دماهم، ولم أخَفِ
كنت في مقفل الأحجيات أفتِّشُ عن آخرٍ ضائع آخرٍ بعد لم يَقِفِ )

II
كانتِ الأوجه المسْتحِّمة في الطمي
تبدو مرصّعةً بالرصاص وكانت سقوفهمُ الحجريةُ
توشك أن تستحيل غباراً ،
تشبّـثتُ بالغيمة المعدنية،بالشمس
فانتحرتْ كائناتُ الظلامِ القديمة في طينتي.
دخلتْ ساحة القوم تلك المليكة *
ذات الجناحين حاملةً تاجها للجموع، ومكتظّة بالدموعِ
لقد كان صوت الطبول يغلِّفُ ذاك المساءَ ،
ركضتُ بقلبيَ فوق الرماح وغادرت أدغالهمْ
حاملا آخري بيدي


( هكذا ينتهي كلّ شيءٍ ويبتلع البحر أمواجهُ
لنْ أفكّر بالشطّ أو بالغرقْ
قلتُ: ليس المكان مكاني، أمامي وراءٌ بعيدٌ
ويتْبعُني عالمٌ من ورقْ
سوف أطلق أسئلتي للصباح الذي لن يجيء
وأشهدكم رعشة اللحظة المفترقْ )

III
بعدما حطّم الموج قاربيَ الخشبيّ صرختُ بوجهي
الذي شققتّه المسافة ، كان نهاري احتمالاً
بأن تصهل الآن أحصنة البحر في جوفيَ الخزفيِّ
مضى زمن المسّخِ أيتها الأبديّة.. من سوف يمنحني
لثغة الطين ؟ أو يطلق الرّهج الصامت الآن فيّ
لأرحل عن عالم عائمٍ في الفراغ ؟
لماذا يموت الذي لم يمتْ ؟
ولماذا تفر الحياة من المستحيل؟
أنا كل هذا الخراب الذي لا يسمى وكلُّ
الذي قدْ تجمّدَ في رئةٍ كلَّما مسّها البرق من جهة
في الخريطة.. مزّقهَا قطعة..قطعتين.. ثلاثاً
أنا غول هذي الأقاصي التي صدئتْ
و أنا مدنٌ تتعارك فيها القرابينْ

ربما كنتُ أبدو اندلاعاً شديدًا لليل التوجُس
منجذبًا بين تفاحة الرغبة الآدمية والواقعيّ المريرِ
ومتّشحاً بثلوجِ الكآبة .. مكتنزاً كل هذا الأثيرِ


( خائفاً كنت من كل شيء ..
من الجبلِ المتشبِّث بالأرض،
من صيحة العربيِّ الأخير .. ومن بلدي
كان وجهي انعكاسا لوجهي الكثير
وكنت جموعاً بلا أحدِ )

IV
ما الذي يصرخ الآن فيَّ ؟
تلمّسْتُ هذي الرؤوس التي سقطتْ
في العراء ،
متى يرجع الميِّتون من الموت ؟

ها قد مضى الآن ما قد مضى
وأتى الآن ما قد مضى

الجلود التي انسلختْ في الطريقْ
والدماء التي انهدرتْ في الطريقْ
كلها بقيــتْ في الطريــــقْ !!

أيها القمر المتدحرج من غصّةٍ في حلوق الضحايا
نقشْتُ عليك تصاوير منْ قاتلوك ومن قتلوك !
استوتْ رقصة القاتلين وآهاتهم
لم يعد في جحيم الحكاية ما يُستعادُ
تكسَّرت الصورة الحجريةُ في الأفق المتردّدِ ،
والبجعُ/ الطائرُ/ الراقصُ/ المتمدِّدُ ..حط على الأرض
( كيف لي أن أفسر هذي الحياة و أن أمتثِلْ
للنشيد القديمِ ؟وأصرخ في غُرَفِ الكلمات القتيلة :
ها قد مشى دمنا في التراب ولم نغتسلْ
بالشموس التي سقطتْ في الفراغ ولم نكْتملْ
لم يكن لازما كل هذا الضياع لئلا نَصِلْ )



هامش:
* يحكى أن المليكة عندما دخلت عليهم
لهجت باسمها الجموع بينما فاجأتهم المليكة
ببكاءٍ حار مما جعل لحم خدّيها يتفلع ولم
يعر بكائها أي أحد منهم فنالهم السخط !
1/ما كان بين الأقواس على لسان الذئب !



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads