الرئيسية » » واحدٌ منْ هؤلاء | أحمد زكريا

واحدٌ منْ هؤلاء | أحمد زكريا

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 1 أكتوبر 2014 | أكتوبر 01, 2014

واحدٌ منْ هؤلاء

 

أَنْ أموتَ الآن

لا يعني كثيرًا عند أصحابي

وأعدائي سواسيةً

فقطْ

ستكونُ أمِّي مثل جدَّتِهَا

التي ماتَ ابنُها

مثلا،

غريقًا فى مياهِ النيل

أو سأكون مثل مسافرٍ نحو الخليجِ

لفترةٍ معلومةٍ

ونسيتُ مصرَ هناك

 

لكنِّى على عجلٍ

نشأتُ على رصيف محطةِ المترو

وحاولتُ اجتنابَ الناس فى العربات

قدرَ المستطاع، وحاولوا مثلي

ولم يَتَحَدَّث الركابُ فيما بينهم

عن أى شيء زائدٍ

كطبيعةِ الركابِ من خمسينَ عاما

أَنْ أموتَ الآن

من سيحسُّ بى غيرى

ولم يَعُدِ العشاءُ على المسلسلِ

فى تمامِ الثامنةْ

جاري المقابلُ

بابُ شقَّتِهِ يَبيتُ بحِضنِ بابى

ليس يعرفني

ولا ألقاهُ إلا صاعدًا أو نازلًا

لا شيء يَجْمَعُنَا سوى حُلْمِ الحياةِ الآمنةْ

 

ووقفتُ.. حيث وقفتُ فى الميدان

أفئدةً تَحِنُّ لأي شيء

ثم تنسى ما تَحِنُّ إليه

أحداثٌ ولا أشياء

لم أشهدْ بمصرَ

سوى البكاءِ على زمانٍ ضائعٍ

ونسيتُ أنِّى جئتُ كي أنسى على المقهى

من الأحلامِ ما أنسى

من الماضى الذى أحيا

بما صَنَعَتْ يداى

ومن غَدٍ

من سوف يذكرنِي إذا ما مِتُّ

أهلي غالبًا

والأصدقاءُ بقدر ما تركتْ لنا الأيامُ متَّسَعًا

لنضحكَ أو نغنِّي فى الشوارعِ

والحبيبةُ قد تكونُ وفيًّة

تحكي غرامي فى مساءٍ باردٍ

لحفيدةٍ لا تَحْمِلُ اسمي

 

- هل ستشرب قهوةً هذا الصباح؟

- نعم

سؤالٌ مثل هذا عابرٌ من عامل المقهى

سيشعرني بأنِّي لم أزلْ حيًّا

أشاركُ فى الحياةِ بنظرةٍ

أختارُ ما أختارُ من صُحُفِ الصباحِ

أطالعُ الأبراجَ

حتى أطمئنَ على بقائى سالمًا حتى المساء

ولا أفكِّر فى العناوينِ الكبيرةِ

 

فى المساءِ حكايتِي

أحكي انتصاراتِ النهارِ

على العدو سواي

أشكو مرةً ما يشتكى منه الجميعُ

ومرةً، أشكو الذى شاهدتُهُ وحدي

وأنسى أنَّنِى وحدي

إذا حدثتُكُم فى الليل

يا أعدائي الأحبابْ

الوقت ذابْ

فتصبحون على الذهابِ.. على الإيابِ

على الإيابِ

تأخَّرَ الوقت الذى سنكون أهدأ فيه

من خطبِ الجوامعِ

من صلاةِ العيدِ فى الساحاتِ

من أهلي على الإفطارِ

من كلِّ الشعائرِ فى البيوتِ

وفى الشوارعِ.. فى مشاغِلِنَا

وفى الأفراحِ فى الأحزانِ

فى دفء الزيارات الجميلةِ فى المساءِ

ولستُ أعنى كُلَّ هذا

إنما وجعي على الكورنيشِ

وحدي

لا أقولُ النِّيلُ يَجْرى فى عُروقي

إنما يجري دمي فى النِّيلِ

حين أحُسُّ أنِّى واحدٌ من هؤلاء

مَشَاعِرِي بَهَتَتْ كَقُرْآنِ الصباح

وذكرياتِي ذكرياتي..

كلُّ ما مَلَكَتْ يَدَاي

الأمسُ أجملُ دائمًا

وغَدِي على كَفِّى حمامٌ لا يطيرُ

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم الأستاذ :) / أحمدزكريا 



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads