الرئيسية » » فريد ياغي | القناع 1991

فريد ياغي | القناع 1991

Written By هشام الصباحي on الأحد، 12 أكتوبر 2014 | أكتوبر 12, 2014

القناع 1991
كثيرة هي تلكّ الأقنعة التي أرتديها , فلكلٍّ مناسبة قناعها المناسب , هذه الحياة معملٌ كبير لا ينتج إلّا وجوهاً مستعارة , كلمات مستعارة , مواقف مستعارة يمكن لي أن أسميها أقنعة
لم أعد أذكر عدد الأقنعة التي ارتديتها قبل الآن , بعض الشياطين التي وظّفتها عندي أرسلت لي فاكساً تفصيلياً من جهنم يتضمن عدد الأقنعة التي كنت أرتديها و التي قرر الله إحراقها بعد إحالتها للتقاعد فكانت في ذلك الحين بعدد الدموع التي ذرفتها منذ ولدتِ أنتِ ,
مرةّ ارتديت قناع روبن هود عندما رأيتُ طفلاً فقيراً و أعطيته كل ما أملك من مال بينما كنتُ أنظر لوجهك و أطلب منكِ بخجل أجرة الباص لأعود للمنزل
مرّة ارتديت قناع **** ***** عندما أجبت إجابة تافهة تتعلق بالأواني المستطرقة لكي أتهرب من سؤال أخي الصغير ( من أين جاء الله ؟) 
مرّة ارتديتُ قناع هيفاء وهبي عندما ذهبت لمقابلة توظيف في شركة يريد مديرها سكرتيرة يومها لم تكن الخبرة شرطاً أساسياً ( لا أدري ... و لكنّني أظنّ أنّه كان يحتاج لنوع آخر من الخبرة )
أتعلمين ؟ ... 
كثيراً ما حاولت التّخلص من تلك الأقنعة و لكنّني فشلت
كدت أنجح فقط في تلك الليلة عندما كنّا لوحدنا في تلك الغرفة الفقيرة المستأجرة و التي شهدتْ على أوّل علاقة جسديّة بيننا , يومها فقط خلعتُ أقنعتي كلّها و كنتُ سعيداً بذلك الإنجاز
نعم أنا للمرّة الأولى في حياتي بلا أقنعة
كنت سعيداً بمشاهدة وجهي للمرّة الأولى , كانت المرّة الأولى التي أرى نفسي فيها هكذا كما أنا , حتى أنّني أردت أن آخذ صورة تذكاريّة مع نفسي و أنشرها على الفيسبوك ثمّ أضع تاغ لنفسي سعياً لتوثيق تلك اللحظة التاريخية.
منذ آيّامٍ عدّة شاهدت صديقي القديم و الذي ما زال مهتمّا بفنون السحر و الشعوذة
قال لي أنّه قام بتحضير تعويذة أخرجتْ له مرآة من قعر المحيط , هذه المرآة يمكنها تحديد الوجه الحقيقي للّذي يقف أمامها بلا قناع
بالفعل وقف هذا الصديق أمام المرآة فقالت له ( أنت ترتدي القناع الرابع و العشرين بعد الألف و الذي ارتديته منذ أربعة أشهر عندما أجريت عملية تجميل و ............( 
ابتسمتُ ابتسامةً عريضةً بينما أنا أستمع لتحليلات المرآة , ثمّ سخرت قليلاً من صديقي , فما كان منه إلّا أن ردّ لي الدَّين فقال :
( وقف حضرتك خلي هالمراية تفضحكْ لنشوف هاد أي قناع )
وقفتُ مقابل المرآة و أنا واثق أنّه وجهي , نعم إنّه وجهي فزمن الأقنعة قد ولّى
و في لحظة وقوفي مقابل المرآة تعرّضت المرآة لشرخ و صرخت :
( هذا أبعد قناع رأيته عن حقيقة صاحبه هذا هو القناع رقم 1991 ارتديته يوم 12/3/1991 و بقيت مرتدياً له حتّى أنهيت رضعتك الأولى عندما نزلت آخر قطرة حليب في فمك , و بعدها جفّ صدر أمّك بين شفاهك , 
و عدت لارتداء هذا القناع في 4/9/2014 حين ولدتّ للمرة الثانية و رضعت رضعتك الثانية في حياتك و لكن من حلمة أخرى)
كنت أقف أمام المرآة مرتجفاً يكاد يغشى علي , أكملت المرآة :
( و لكن هل تريد حقّا أن ترى وجهك الحقيقي ؟؟ )
ما كان منّي هنا إلّا أن أهزّ رأسي و أنا أرتجف
كشفت لي المرآة وجهي
لم أتوقع أن أسلّم لها بهذه السهولة , كيف لم أعرف هذا من قبل , حقاً حقاً إنّه وجهي 
نعم كان هو ذاته بكلّ تفاصيله , 
كان هو ذاته وجهك أنتِ الذي أعرفه أكثر من أيّ قناع يمكن لي أن أرتديه...


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads