الرئيسية » , » ديوان رويدا باتجاه الأرض | إبراهيم زولي. | العدد السادس والستون | سلسلة كتاب الشعر

ديوان رويدا باتجاه الأرض | إبراهيم زولي. | العدد السادس والستون | سلسلة كتاب الشعر

Written By هشام الصباحي on الأحد، 12 أكتوبر 2014 | أكتوبر 12, 2014













































ديوان رويدا باتجاه الأرض للشاعر إبراهيم زولي.

لوحة الغلاف للفنان حلمي التوني.

ط1  مركز الحضارة العربية بالقاهرة سنة 1996 م . 
وط2  دار طوى، لندن مع منشورات الجمل 2009 م
وط3 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة إبداعات عربية 2014م




























إهداء

أبي:
     ماتزال الكتابة ساجدة
     تحت عرشك رغم الغياب.

أمي:

     أ ت ذ ك ر
     وجهك العنبيّ
                  الزعفران
                  رائحة الزنجبيل
                  والوجع الليليّ

إليكما رحمكما الله مع الصدّيقين والشهداء.


                                                  إبراهيم











الرؤيـــــــــــــــــــــــــا


ثم أدلفُ بوابة الغيبِ
أُحـْصي النساء الّلواتي
حبلن بظلّي
وأرضَعْـنه من نشيدِ القرى
....
....

ها أنا أرجم البحرَ
والراغبات عن العشق
– والأرض  لؤلؤةٌ –
....
....

يا أبي قد رأيت الكتابة
شاخصة تحت عَـْرشِك
والصحبُ حولك
أبصارهم دونها رمحك الجاهلي
- ليس وحدَك من يعرف السرّ -
قال الرفاق وهم يمرقون خفافاً على ساحل الروح
فانفجرتْ غيمةٌ في شوارع قلبي
سلامٌ على الصحو حين
يفاجئه المطر المغتصبْ.
أتحسّس وجهي
وضاحيةً باركتها المليحات
أولى لكم شجراً واضحاً
ثم أوقدْنه حول عشب الرؤى
 ُطفن حول قميص أبينا
وقلن لـه إنني وردُهُ المصطفى
واسترحْنَ إلى ظل دالية في الجسدْ
صوتها واقفٌ
كنهارات صيف، وفي سقفها
قمرٌ من مسدْ.

....
....

خرجوا صبيةً من شعاب القصيدة
وانطلقوا للقرى
بعدما أفرغتْ ذكرياتكَ كلُّ طيور المدينة
وأنفضّ سامرها الدمويّ
....
....

سقطتْ زهرة في يدي فارتعدتُ
وهلّت دموع الصبا فاستعذتُ
لأني رأيت على مهلٍ
يصعد البحر
للمشنقةْ.

















                 عودة التتار

خلسة من نخيل العراق
وفي غفوة الرافدين
أتى تؤأمَ الغدر طائرُه الدمويّ
فأشعل غليونه من حياء البُنيّات
خاط ملابسه التترية
من جسد الشعب
والشعب في خدر البعث والنكث والسفك
قال له وهو يوقد في عشب خاطره حطب الحرب:ِ
قم زوّج الإفك بالورد
والدود بالندّ
واطْوِ الحرارات في دمك المتفسّخ بالبرد.
قلْ أيها التتريّ
ألا أيها النازحون إلى بلد من حمام:
ألم تبصروا للجهات
ولم تبصر البوصلةْ؟
عَدَتِ الطائرات على جملة من عصافيره المطمئنّة،
أقْصتْ بنادقكم قامة السنبلة.
كيف عنّ لكم قصف داناته
غيلة في العشيّات،
وأد أطفاله،
واعتقال نوارسه.
دانة في الخليج إذا استعرتْ
تستحيل إلى قنبلةْ.
...
...

أيها البربريّ:
أناشيدنا الحمر من قبل ما التمعتْ
"إذا بلغ الرضيع لنا فطاما"
علّمتْ الجزيرة
أن يحفظ الأرض والعرض
لا أن يصبّ علي بيت جيرانه
ناره الدامية.


                                ضمد 1990م

                           الأجمل من هذا الموت



من ضلعي الأيسر
يخرج طيرُ الحبّ
على فمه
شررٌ أبديّ
يرسم في الأرض
حــــــــــــدوداً
لا يتجاوزها
نظرات الناس تلاحقه - الناس الأشرارْ -
يمرق من طرقات الإسفلت
المتمدّد كالثعبان
وينقرّ ذاكرة الوقت المتحجّر
يكشفُ سوءتهَا
ويعرّي هذا الرمل الطاعن في العقمِ
الكلمات اعـْتـَمـَرتْ وجه المـــــــاء
انتعلت سرّ النار
العشاق تباركُهم
وتقبّل فرسان الخيل الأبرارْ.
* * *
طير الكلمات الدموي ّ
استشرى في جسدي
ويقاسمني السهر الليليّ
ينام مع الجوعى.
الليلة غردّ في شفتي
فأتيت لكم
بالمـــــــــــوت
الأجمـــــــــلَ
من هذا الموتْ.


                                   16/11/1988م
                       الصبيّ


الصبيّ الذي شاغَـبَـتـْه

القصيدة في أعْذب العمر

وانتـَبذت خافقيهْ.

الرفاق يجيئونه

آخر الليل

أعينهم لا تحبُّ سوى السهر المشتهى

يجدِون الوسادة

والحبرَ

رائحةَ الشعر

لكنهم لا يجدون الرفيقْ

* * *

الصبيُّ الذي شاغبتْهُ

القصيدة في أعذب العمر

أسْرَتْ به روحه للحريقْ.






 تجليات الفتى الأسمر



قُربَ تلك البيوت التي تُشبِهُ الأصدقاءَ
نزعْتُ قميصَ الطفولةِ
فانكشفتْ قامتي
هل يعود الصغير الذي عابَثَتهُ
الفوانيس حتى يسرّ إليها حديثا
فصاح بأعلى صباه .. وأغفى
ولكنه أضْرم الشعر بين سريرته
فأتاه اليقين
ألم يكن الساحلّيُّ من الماء
- والعابرون أتـَوا من قوافي الزبدْ -
كيف سار الغزاة لـه
وهو محتشمٌ في الجسدْ
إنه الآن منفرطّ في الشوارع ِ
والدرب من حماً لم يُسنْ
غيـّبَ الدجو قامتهُ
ثم حنّ إلى ظلـّهِ
شدَّه الليلُ من حزنه فانتحبْ:
ما الذي تبتغيه المسافة من زنجبيل الكتابةْ؟
هو العشق شاهده والطيور المحنـّاة بين نزيفِ الربابةْ.
فتى اسمرٌ تحت جذع النهار المراهقِ
ملتحفٌ بالقصائد والروح نافرة من يديهْ
يستعيرُ وجوه حبيباته من حقول رؤاهُ
وينقش أسماءهن على جانبيهْ
بعدما أهْــرَقَ الصحبُ زيت الجنونِ
على شمعةٍ نصف موقدةٍ في منازل مُهجَـتهِ
فاستوى شجر الحبر في كفه وارتوى
سيدي:
قف جحيما على كَـتفيْ
لم أعدْ أستطيع النواحْ
صاعدا نحوك الإثم يَـلدغني
هل أسير وحيداً يخضّب ما اقترفتْ ساعداك فمي ؟
والمدارات حينئذٍ تتمثل لي عاشقاً ما اكتوى
أيكون الشقيّ الذي استنشق الزعفران على كاحليك أنا ؟
فاكتسَى بالعلوّ المباح ْ.























 مُساءلة


أمُرُّ أسائلُ الناسَ الذين على نواصِيهمْ
أرى شَجراً
وأطفالاً لهم في الشمس إرثٌ ليس يختلفونَ
أسألُ في المدى قمراً
يعلمُ عاشقيه الموتَ
حين ينام أهلُ الحيَّ
عن رجلٍ:
يجيء إذا النعاس أدار مرِوده بعين الأهلِ
في كفّيه أسماءُ الأخلاّء
البهاء يلفّ قامتهُ
صبّياً كنت إذْ حملوهُ
والكافور يَسْبقُ خطوهمْ
كانت فصاحة سمته القرويّ
تربكهم، وتكشف غيم أوجُههِم
مشتْ من بين أيديهم
تحطّ حروفها الحسنى على شفتي
هتَفْت بهم: – وسيف رجولتي الأولى يضيءُ بريقه جسدي –
لمن يَتَحدّث الأطفالُ،
تبزغ رعشةُ الأنهارِ،
أشجار المحبة هل سَتُزهرُ في صدور الناسِ
كيف يجيء فجره حاسراً
من ذا يُكِللّه؟
أجِبْ يا صمتهم
                   يا موتهم
                            أو يـــــا ...
أعود أسائلُ الطرقات،
مَدْخلَ دارنا النيلي،
بيوت الحيّ،
عن رجُلٍ:
.....
....
رويدا كان يُشرق ظلّه
في البال
ثم أقوله
سرّاً.


                                   30/3/1992م


























الأحرف الأولى في الفصل


أكتبُ الأشياءَ
والمحماة حمقاء
وكفّى تتهجّى الأحرف الأولى
وأشكال الظهيرةْ
تسأل القادم
من قعر المسافات
متى عاد له
وجه العشيرَةْ ؟
تفتلُ الأسئلة البيضاء
في حنجرة الأستاذ
والأطفال
يحثون على وجهي غبار الكلمات
....
....

عطشٌ ينبُتُ في الفصل
يجزُّ الآن من حلقي اعترافي
آه ما أبعَدَ هذا الماء
عن ريحانة الوقت، وعن فاتنة
تحلمُ بالضوء الخرافي
....
....

حينها أزورّت خيول النفي في صدري
وساقتها عصافير الكتابةْ:
أيها الباحث عن طقسِ السكينةْ
شجر الخوف تنامي في قرى الروح
وفي ظل المدينةْ
فارتدتْ جمجمتي شامخة
سرّ سحابةْ
....
....

يُبصر الأوراق
والأطفال
والسبورة السوداء
تخفيها المرايا
وطباشير بليدةْ


وحده
كان
غريباً
في سماوات القصيدةْ.





                           29/11/1988م























الصـــــــــــوت

جاءني الصوت
من جهة في السرير:
أأنت الذي شقّ سقف الغمامة
فانفلقت نجمتين
ومن علّم الرمل
أن يتباهى بسمرته ؟
جاءني الموت
واصطفق الباب
.....
.....

ألمحُهُمْ يلعقون دمي.















قصيدة الحلم


في براري الكتابة
أبصرتْه نافراً بين عشب الحروف
- هو الفرس الحلم -
أنشأه الشعراء
على عُرُش الريح
فانتشرتْ في الجهات ملامحه
والمليحات ساوَمنْه
فأبى .. وتولّى
وحين تغيب
ت
غ
ي
ب
الكتابة
سائسُه الفقراء
يحنّون أطرافه
يحفرون لـه بالأظافر
فوق جدار الفراغ حقولاً
لها نكهة الجوع
أو قمراً كارتعاش السيوفْ

* * *
خاطبتْه البلاد علانيةً:
أرنا وجهك السرمدي
فجأة
البخور الذي في الجزيرة فاحْ
وانجلّتْ نجمة في فضاءات أرواحنا قيل
قد طَـمـَستْها على غــِرّة
ذات غيمٍ
جــــــراحْ.


                                  ضمد 14/8/1990م
























التهامـــــــــــــــــــي

قُلْ للتهامي يقرع الأبواب
ميلاد البشارات أمّحى
البحر عريانٌ
وساحله لهبْ
والغائبون عن الحقيقة
قل لهم:
إنّ الحقيقة للتهامي
في قرىً تَـسْـتـَمطُر الأنواءَ
في ُبرج الظمأْ
فَلِمَ الغراب الآن يذرع أفقها
- حلّقْ بعيداً يا غراب -
إن الوجوه من التراب اسْـتَـَحْـلّـفتـْها الشمس أن تبكي الرجال
إذا الرماد تسلق القامات وافتضّ البلاد
ويد النساء تخطـْن أثواب الحدادْ.
- حلّقْ بعيداً يا غرابْ -
عن بيدر الوقت الجنوبي
والنهارات الفقيرة
وانحناءات البيوتْ
....
....

بيني وبين الماء وادٍ باتساع الخوف
في وجه التهامي - والطريق تشيطنتْ -
فتسمّرَ القرويُّ
واجْـتـَـرحَ النشيدْ:
"إن تَتْهُمي فتهامة وطني"
أو تحتويني
فالـــــردى
وعْــــــــديْ
- حلّقْ بعيداً يا غراب -
....
....

النملُ دبّ على شفاه الغيم
والإعصار نارٌ حاميةْ
تكوي عروق الشمس والطفل المسجّى عند أسوار المدينةِ
والرعـــــــاة
يساءلون البهم
عن عام الحصاد،
وعن تفاصيل الأكفّ الدامَيةْ
والأثل
مدّ سلالمــــــــــاً
كي يعرج الفلاّح
يَــســتْـقرِي كتاب النار
والزمن الخصيب
يُعيد ترتيب الجهاتِ
على خرائط وجهه القمحيّ
والغربان
تبذر بين خاصرة السنابل
مفردات الموت والليل الأخيرْ.















الســــــــــــــــــــــرّ


والعصافير التي لم تكتسِ
بالشجر الليليَّ
قالــــــــــت:
القرى أضرحة
والأفق ماء
عندما تلتئم الأشياء في كفيك
كن ذاكرة تنبت من قاع القصيدةْ
كن لنا فاتحة الطرْق
أعِـدْ للمدن الخضر
الخلاخيل
الفراشات
التفاصيل التي ما اغتسلت بالبحر
قبـــــــل البـــَــــدء
هذا موسم في خطوه
حلم البـــلاد
علق الأسماء في عنقود قلبي
واكفّ الريح ألقتْ معطفاً
من جسد الشمس عليه
احتواه الضوء
أحْنى قامة الصحراء
لكن !!
بيننا يا امرأة في التيه
هذا الساحل الممتدّ حتى وجعي
الأسئلة السمر هنا ما اتحدتْ بالنور
وما بـــــاح سوى الأطفال
في الحيّ بها.
حين كان المطر الأخضر يشتدّ
يُحنّون الأناشيد
ويغشى الشارع الكحليّ
من فاكهة الغيم
مصــــــــابيح صغيـــــــــرةْ
مَنْ هنا يخرج من لؤلؤة الوقت
الظهيـــــــــــرةْ؟
هذه نجمة رؤيايَ امّحتْ من غيّهم
واستـَـتـَـرتْ في لغة النسيان نجوى الأرض.
هل تختلف الرؤيا
على رمــــــــــــل
الجزيـــــــــــــــــــــــرةْ؟
























حــــــالة


مدّ طيرُ القصيدة منقاره في بحيرة روحي
أطــــــــال
أ 
ط
ا
ل  
- على غير عادته -
لم أعد أستطيع
هتفتُ به أيُّها الـ . .
كان قد غاص حتى الوجعْ.























رويداً باتجاه الأرض


نجمةٌ في ظلام المنازل
قال الذين اهتدوا بعد ترتيل آياتِها
لم يكن مثلها بين كل الصبايا هنا
وقَـَـفَـتْ عند باب القصيدةِ
ألقتْ تحيتها
راودتْها البلاد على طـُهـْـرِها
فـــــــاحتمتْ بيـــــــــــــــدي
والرجال يولّون قاماتهم شطرها


نجمة في القرى
هزّها الليل حين استوى في الجزيرة
فانتبذت جهة مُهْمَـــــــــــلةْ.


فتيةٌ يسألونك:
كيف يكون الطريق لنا
والمدينة حافيةٌ دونما سُرُجٍ
في صراط العشاء الطويلْ
هل ترى بَهْتة الفجر
حين يسير التلاميذ في فرحٍ
خطـــــــــــــــــــوة
خطـــــــــــــــــــوة
- والشوارع نائمة في الحقائب -
يَـتْـلون من نبأ الليل نجمته
حينما ظللت آخر الراحلين إلى سرر البحر
وانتــَصبتْ في دمي

طلْعها المتطاولُ
شقَّ فضاء الظهيرة
فاندلقـــــــــــتْ غيمـــــــــــــــــــــــةٌ
في يديها التي مسّها شبق الأمكنةْ.



هذه نجمة
قيل ما قبّلت كفّ سيدها
ينتمون إليها الرجال إذا يمّموا للسُّــــــرى
واصطفوها على الرأس صارية
عندما خبأتْ سرها
في مـــــــــروج الجنـــــــــــــوبْ


أيّنا سلّ سيف الطفولة واعتمرَ الأرض
أسْرى بها بعد ما نام سادتها
حيث لا ينثني شجرٌ صامدٌ في القلوب



أحدٌ قال لا
في وجوه العرائس
ثم انتفضْ ؟


















انتظـــــــــــــار


صبّ قامته في انتظار الرغيفْ
ســـــــــــاعة
ســــــــاعتين
به شهوة للصراخ
يشتّت صمت الجموع الكثيف
تذكّر:
أن القصيدة والخبز
مختصمانْ.























تكـــــوين

من الموت
حتى الولادة
تُبـْقِي القصيدة
أشجارها في الموانئ
ألوي لها عنق اللحظة القادَمةْ.



























صــــــــــــــــورة


تمدّ سواعدها في الفضاء
وأقدامها تتشجَّر تحت التراب
سيوف التقارير
تشْـطرها
وتجرّح وجه الطفولة فيها
تسلَّمها للنسور
تنقّر أعينها
فيسّاقط الجسد القروي
وأحلامها تـَتـَبعثر خلف مرايا الرعاة
فيتلون في إثرها "الفاتحةْ"


تفيق المليحة
ذات نهار
تفتـّش عن وجهها في عيون الصبايا
اللواتي تناسَلن من تعبٍ شبقي
تـُساءلُ عن ظلها
وطيورٍ جنوبيةٍ
تسكن القلب والشجــــر المستحيل.
تقول:
أعـِرْني دمــــــــــي،
أثراً للحبــــقْ،
أو بقية إرثي،
أحاديث أهلي.
أقــــــــــــــــــول:
لهذي المليحة
ألســــــــــــنةٌ
مـــــــن ورقْ.

























مطر

تظللتُ تحت سماء اللغةْ
فتساقطت الكلمات
على شجر الذاكرةْ
مطــــــــــراً
وشموساً صغيرةْ.

























الآخـــــــــــــــــــــــــــرون


دونما سببٍ
خبّأتْني القرى عن بنيها
وما لمحتْ في قميص الحكايات
من دمهم شارة
أو رأتْ في شفاه المزامير
فأَفأةً من مياه أناشيدهم.
قادمٌ باتجاه البيوت
التي يعرف الكف أبوابها
باتجاه العيون التي يُغرق القلب أسرارها
ولكنها أنكرتني الشوارع يا أبتِ 
كم تحبّ الشوارع كنتَ
التي لا تخون هواجس من يَعبْرون عليها
وفي الفجر توقظهاِ
وتُعدّ لها من ظلالك أجملها.


لم تعد للرياح مواسمها
- كانت الريح مختالةً -
وتجيئك وحدك دانية
إيه .... يا أبتِ
علّقَتْك لياليك فوق مشنقةِ الذكريات
تمرّ طيور المساءات
تلقط من خبز رأسك أحسنه
وتحط به بين مائدتي


كانت الساعة الآثمةْ
حين دقّ الغزاة على الدار
واغتــصَـبَوا وردة من حدائق عينيه
قبّلتْهُا، ثم سويتُها وطناً في القصائد
أهزوجة في شفاه البناتِ
هلالاً على منكب الليلِ
فأل سنبلةٍ في الخريفِ
وأول تلويحةٍ بالطريقِ
مناقير ألبستها صوت أسمائنا الحاسمةْ.
قال لي:
سوف أرجع في صحوكم
حين أضغاث أحلامكم
وأقصّ لكم ما تعسر من شررٍ
كنت أنفثه من فمي
لقناديل ناعسة بالشبابيكِ
ما أعلنت لحظةً
أنهم قادمون هنا
أنهم قادمون
هنـــــــــــــــــــا
إنهـــــــــــــــــم
قادمون لنـــــــــــا.



                                   ضمد 13/8/1990م


















بـــــــــــــراءة


بريءٌ أنا من دم المدن العربية
من تُخمةِ الليل
في عـَرَصات مطاراتها
وبريءٌ من الأرض
تلك التي استــَجْمـَرتْ
بالحجــــــــــارةْ.






















الرمــــــــــاد


لم يعد للحقيقة شكلٌ يليق بها
فاجأتني الأصابع
دمدمةٌ في الضلوع
انطفاء ُ فمي.
لم يعد للمنازل وجهٌ
يليقُ بها
والرماد تسدّ جناحاه آفاقنا الماطرةْ
يشتهي طعن خاصرتي،
واحتواء سريري،
دمـــــــــــــــي،
ساحة الدار.
قال لـه موعدٌ في القرى
يتها الكلمات التقـِمْنَ الرماد
لئلاّ يهبّ إلى الذاكرةْ.
















العصفورة

تسْربلّت الضوء
واقتــعَـدَتْ في أعالي الغناء
لها شارعٌ مفردٌ
والوجوه صدى
ورماديةٌ عندما تكتوي بالمــــــــــــدى
وردةٌ للصبايا
وريحانةٌ للقرى
ولها شالها الذهبي الذي ما انثنى
من غبار الجسدْ
تقولين :
إيـــّاك ،
إيـّاك أن تقرب الشجرةْ ،
تحتمي بصقيع البلاد ،
وأن تَـتَـدَثـرَ بامرأةٍ مطفأةْ.
وأقولُ لعصفورة الروح :
هزّي جذوع المدار
تُساقط
   أسئـــــلة
         مـبُــهْمَةْ
اخرجي من جحيم الدوائر،
من شبق البرد
فليحتويك اللهب ْ


توحّدتُ فيكِ
استحلتُ إلى غابة من ضياء،
وأفردتُ جسْمِيَ،
جدّلت هذا الصباح ضفائر للعابرين
على جسد الماء منذ انتسبْ.


أنا فارس الفاتحين
استبحْتُ حِمى الشمس
رتقْتُ ثوب الظهيرة
بالمطر الغائب / الحاضر . الحاضر / الغائب
الآن، يورِقُ في دفتر البيد
موّال عشقٍ طفولي
سماءٌ ... وأهلّ .. وخيمةْ
عـَدتْ مهرة الروح
فوق الفواصل
والوجع الأزليّ
وألقتْ على الناس
من سرجها الخصب غيمةْ
تعلّقت فيها، وقاسَمتْهُا التعبَ الساحليّ
المخاضَ،
الولادةَ،
سمّيتها باسم هذي
البلاد المطرْ.












الحجر البرتقالي


دخانٌ يشقّ المدى
ويمطر في الأفق ألف سؤال
وتـَرضع من ثديه الريح
والشــــــمس
والأوجه الثائِرةْ.
هو الحجر البرتقالي
أتى متشققة قدميهِ
به لعنة الانتظار
وتزهر في جانبيه
ف  ل  س  ط  ي  ن
تلك التي هدّها الأهل
والأحرف الباليةْ.
لك المطر الأبيض المستحيل
وكـــل نهـــــــــارٍ
صباحاته عاليةْ.

كما شئت كنْ
وتـَــنـَاسى بأنـّـا هنا
نغازل هذي النجيمات
نكتب في ألق البدر شعرا
وأحلامنا نـَـتـَوسدها وننام
ن
ن
ا
م



تثاءب فيك الربيع
فأشعلته موقدا
فلسطين أنت وأنت
إلى يوم يُحـــــــــــرق فيها العـِدا
بك اليوم يا أنت
والحجر البرتقالي
نلمَّ شتات القبيلة
ننصُبُ خيمتنا
ونقوّم أحرفنا المتقوّسة الفارغهْ
فسلام عليك
سلام عليك
سلام عليك
إلى أن تضئ
لنا الموعدا.




               2/6/1988م

















النعش


مساءٌ مدّ قامته
انتمى للطين
في زنديه يكْسِرُني.
هنا الأبواب تصلبُ رؤية الأشياء
غصنُ الصوت أحْنى رأسه
لكنّه ما ابتلّ.
هل في الماء متسّعٌ
لأطفال القصيدة
لا جُناح على الرجال إذا استووا في الخبت
ذا سمرٌ ،
وتلك صبيّةٌ جاؤوا
على أسمالها بدم القرى
يا سيّد اللحظات مُدّ لنا الظهيرة
واسقْنا نخْب الحُداء
الأهل ينقسِمون حول الحقل
في ساعاتهم رمد الغناء المرّ.
تبّتْ جمرة
لا تَقتعِدْ حلق الكتابة
والمدى
شَــــرَكٌ



إذا الأختام نزَّت من سواعدها سلاسل
أفرُكُ الظلّ المراوغ
ثم أبكي
هل أنا لا أشُبه الرفقاء
لا بل ..
هل أقول ؟؟
هنا الخفافيش التي لم تـَـْستعِرْ أسماءها
والقلب من ظمأٍ
ينادم سِره الكلمُ الطهورُ ..


- فما ترى
- الصحراء هاجعة على عينيّ لم تُفضض غشاوتها
ترتّل في حضور النعش
بسملة الفصول الخضر
فاندلعتْ حرائق قرية
خَلعَتْ أساورِها
وألقتْها بصحنْ البيد بوصلة
وأغْفَتْ في مفاصلنا.




















صاحبي ّ

صاحبيّ دنا الليل
هيّا اسمرا قُرب روحي
السراج الذي كان يــفْـضـحُنا
بلسان الشعاع انطفى
واختــفـىَ سِـرُنا للأبدْ.
أنتما سعف العين
يا صاحبيَّ القرى
اكسرا فرع قلبي ونوحا عليهْ
ليس وحدكما في الفؤاد
قفا كي نموت على ضفتّيهْ.





















ذهـــــــــــــــــــــــول


في الطريق إلى حيّـنا المنزوي
كنت مغتبطاً
أستعيدُ وجوه الذين اكتووا
من جحيم الكتابة، وانهزَموا في العشيّاتِ
لكنهـم بغتةً
يطلعَون من البحر،
من شجرِ الحمضِ،
ألمحهم في سِلال السمكْ.
أول الشعر – يا زمناً للغواية قد غربا –
كان صحراء من غزل للحبيبة


آخرُه وسْوَسَةْ.
















انتمـــــاء

يحاصرني الماء
في وطن الكلمات
وفي قرية لم تُر
في الخرائطْ.






























ثــــــــــــــــأر

تحلَّقتِ الشتلات
على الأرصفةْ
فدسّ الدراويش في جذرها
فيلقاً من جراد ْ.


























الكلمـــــــــــــــات


الرياحُ التي لا تهزُّ
الأثــــــــــاث القديم
ولا تكنسُ الطرقاتْ
لا تسمّى رياحْ


مثلما الكلماتْ.






















سيرة الأطفال الأخرى


و"حمادةٌ" طفلٌ يشاغب جارَه العاديّ
يخفي نعلًه
ويجدّ في تقليد مشيته
على أسمائه يتوالد المكْر،
الوساويسُ ،
 الذبابُ،
     الدودُ
يقلقه الشقيّ "حمادةٌ"
في الصبّح يصْعدُ فوق سطح الدارِ
يُبْصرُ أوجهاً في وجهه
وأصاَبعاً ليست أصابعهُ
وباح السرَّ للأطفالِ
فاستَبَقَوا إليهْ
صاحُوا به:
يا أنتَ
إنّ يباسَكَ الممتدّ معقود على الماءِ
الصبيُّ يجزُّ قامتَه
بنصل منكَ كنت سَننْته لحلوقِنا
سنّوا ممراً للغناء,
فناحت الأشجارُ وامتثلتْ لهم,
سّنوا طريقَ الضوءِ
فانتفضتْ عصافيُر الغلسْ.


هل يرتقي أحدٌ سلالمه،
يُطلُّ على الشوارعِ ،
كيف يخبو في الظهيرة فيئُها،
ويشُبّ في جَنَباتها الأطفالُ،
كيف يصوغُ أجملهم فواتح عاشقيهْ.
حتّام ينتزع القصيدةَ من عيوني
طائرُ الكلمات ينفخُها، فتورق بين أجنحة الضّحى
هل أضرمَ الشعراءُ من جسدي مشاعِلَهم
وساروا نحو تيهْ
أتقول حنجرتي الذي لا أشتهيهْ
أتقول حنجرتي
الذي
لا
أشتهيهْ؟


                        السبت 1/6/1990

























هجْس العشيّ المعْلن


((إلى شقيقي محمد الذي يقاسمني الأسئلة الصعبة))


وحده كان يستقبلُ الغائبين
أوان الهجوعْ
ذات حلمٍ رأى ما رأى
قالت الأم يا ...
فبكى
وجهها العنبيّ يلم قصائدَه
جمرة جمرة
ويجدّلها فوق جدران جاراتها
شجراً أخضرا.
مرة غاب عن داره
لفّ أغصانـَها كلُّ مكْرِ القرى
خرجتْ أمـّه للسواحل مذعورة
ولّتِ الطرقات إلى البحر
واقتسـَمـَتْ إرثَـَه
حينها زَجـَرتْ طائراً فرّ من ضلع سيده
فاقتفى قمح آثارها
ومضَتْ باتجاه السعير
تخـــــــــــبّ
تخــــــــــبّ
فأعلن في السرّ أن صباحا أتى
...
...

أيـّها الشعر لا تبح الآن أسرارنا
أيـّها القفر لا تفتح اليوم نافذة
للظهيرة كيما تمرّ بأجسادنا
إن روح المحبين ما ابتـَردتْ
من جـــــــــــوى البـــــــــــــــارحةْ
والفضاء المزوّر ليس لنا
وحَنـَى رأسه
مثلما الطفل تفضحه
نجمــــــــــــة
جــــــــــارحةْ
بعدها عنّ للشجر المتوزّع في القلب
أغنية من نشيج العصافير
فابْتـَهـَجتْ روحُه
بالبكاء الوقور:
لقد جاءكم قبسٌ من دمي
فانظروا ما الذي تفعلون
تلك سيماه فوق نواصي الحميمين
جاسوا بها الرمل
غاروا على الرعب
والفيء للأهـــــل ...
هل نختلفْ ؟



                                              ضمد 20/5/1990م











التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads