الرئيسية » » الفتى | أمجد ناصر

الفتى | أمجد ناصر

Written By هشام الصباحي on الأحد، 12 أكتوبر 2014 | أكتوبر 12, 2014

الفتى

(إلى زكريا محمد)

القصيدة
ولي، أن أتابعَ هذي الطيورَ التي
تتشربُ روحَ الفتى
قهوةً في الصباحِ المديدِ
وتسّتلُّ من دَوّحةِ القلبِ
نصّلَ القصائدِ
والطيّرَ،
والحجرَ الحيَّ،
والنسوةِ العاريات.
ولي،
أن أتابعَه
كاملٌ في العذابِ
دائرٌ في كؤوسِ الشرابِ،
مائلٌ باتجاه ذراعي
ولي،
أن أراهُ كما أبتغي:
صاخبٌ صاخبٌ في اندفاعاتهِ جهةَ
الشِّعر لكنّ ملامحه الخارجيةَ
لا تشيَ بذلك. ليس جميلا كما تظنُ صديقتُهُ
الأرمنيةُ التي تكوي ثيابها في الصبيحة تحت
النافذة، وقد اعترف باحدى قصائده المنشورة
في صحيفة "الشعب" الأردنية قبيلَ إغلاقها، أنه
نحيلٌ أكثر مما ينبغي لفتى في السابعة
والعشرينَ وربما يميلُ للدمامةِ، 
لا يعرفه الكثيرون ولا يفخرُ
به أحدٌ خارجَ أحجارِ العائلةِ الكبيرةِ القطع.

متابعات

I
يحاذي الصباحَ المبكّرَ
في شارع "السلط"
يذرعُ أعضاء عمّان
باللمسةِ الباطنيةِ
بغتةً،
يأخذُ اللونَ
شكلَ القميصِ النظيفِ
ووجهَ الفتاةِ التي
ناولتهُ أصابعَها
ثم مفتاحَ شقَّتَها
والرضا في الملامه.
ويهبطُ مثل بلادي التي تهبطُ الآنَ
صوبَ براري الدمِ العربيِّ:
إنتهي رائقُ العيشِ
يا أيها البدو،
ردوا فتاكُم
وقولوا الذي خبأته الضلوعُ
وقولوا الذي حاورته الدموعُ
وقولوا الذي لا يقال.
أتابُعه،
ثم أهجسُ:
هذا الفتى حائلُ اللون
مشتبكٌ في الخطى
أتابعُه
ثم أهجسُ:
هذا الفتى ناقعُ اللون
محتدمٌ في الهوى
أتابُعه،
ثمةَ:
الوجهُ
والظلُّ
والمرأةُ الأرمنيةُ،
يمدُ يداً ساورتها الدماءُُ
إلى جيبِ ستّرتهِ
ويطلقُ عصفورةً من ورق
صوبَ نافذةِ في الجدارِ القريبِ من الكتف.

موت الاغنية

قال لي مرةً:
(نادراَ ما يقولُ)
الأغاني يداهمها التافهونَ
فتنأى عن القلبِ
طيراً من الرغوةِ المعدنية.
أقولُ لهذا الفتى:
(حائرٌ ما أقولُ)
تُرى، مالذي نفَّر الشِّعرَ منا
وأسلمَ كفَّ القصيدةِ للنار؟
أنا حائرٌ ما أقولُ
أتابعُ شكلَ اختلاطكَ بالناس والأتربه
أراكَ تحطُ الخطى،
وتشيلُ الخطى
وتذوبُ الخطى في شوارع عمّان
والشِّعرُ ينأى
وتنأي الأغاني
وينأى
الوطن.

بيروت
4/1978
من ديوان "مديح لمقهى آخر"


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads