الرئيسية » » باتريك ديبوست (فرنسا) | ما أعرفه | ترجمة صالح دياب

باتريك ديبوست (فرنسا) | ما أعرفه | ترجمة صالح دياب

Written By Lyly on السبت، 10 يناير 2015 | يناير 10, 2015


ما أعرفه

1

أعرفُ أن اللغةَ داخلَ العالمِ والعالمُ في الوقتِ نفسه داخل اللغة. أعرف أننا على

تخُمِ العالمِ واللغةِ.


2

لا أحبُّ الجملَ من نموذجِ "لا جديدَ تحت الشمسِ" أو "كلُّ شيءٍ قد قيل من قبل". أعرف أنه في كل لحظةٍ يمكنُ التأكيد: "كلُّ شيءٍ دائماً جديد تحت الشمس" أو "تقريباً، لا شيء قد قيل من قبل، بين كل ما كان قد قيل".


3

أعرف أنه لا ترابطَ منطقياً حقيقياً إلا في ظاهرٍ غيرِ مترابطٍ. كلُّ الأشياءِ تكتنفُها الفوضى. كل فكرةٍ كي تأخذَ حيزَها يجب أن تقبلَ جانبها الضبابيَّ والفوضويَّ.


4

بين ما هو بديهي: أعرفُ أن كلَّ نشاطٍ إنساني يؤدي بطريقةٍ أو بأخرى إلى مقاومةِ الموت.


5

أعرف أن الزمن مرتبطٌ بالفضاء. الزمن هو ظلُّ الفضاء. الفضاءُ هو ظلُّ الزمن. أعرف أننا نعيش في ظلِّ الظلِّ وذلك هو نَظيرُ الضوء.


6

أعرفُ أنني لا أعرفُ شيئاً عن الحبِ.


7

أعرف أنني لا أعيشُ في العالمِ ولكنْ في ظلِّ العالم. أعرفُ أنني أمشي في العالم كحشرةٍ تمشي طيلةَ حياتها في ظلِّ تلْعَةٍ.


8

أعرفُ أن كلَّ شيءٍ هو مبلغُ وكلُّ عناصرِ المبلغِ مرتبطةٌ بالمبلغِ نفسه.


9

أعرفُ أن كلَّ شيءٍ، حولي، ليس غيرَ جمعٍ غفيرٍ من الاحتمالاتِ. أعرفُ أن كلَّ كلامٍ يستندُ على بناءٍ كبيرٍ من الاحتمالات.


10

أعرف أن الرّعدَ يأتي بعد البرقِ وأحياناً في أحلامي الرعدُ يسبق البرقَ. أعرف أننا إذْ ننظرُ في كل الظواهرِ، في الوقتِ نفسه، إلى ما هو عكسها، نوسعُ ونؤسسُ نظرتَنا.


11

أعرفُ أن العثورَ يكتنِفُه شيءٌ من الخسارةِ. والامتلاكُ يكتنفه شيءٌ من الهدمِ.


12

أنا

أنا أعرفُ

أنا أعرفُ أنني

أنا أعرفُ أنني أحبُّ

أنا أعرفُ أنني أحبُّ كثيراً

أنا أعرف أنني أحبُّ كثيراً واحدة

أنا أعرف أنني أحبُّ كثيراً امرأةً

أنا أعرفُ أنني أحب كثيراً امرأةً ولكنْ

أنا أعرف أنني أحب كثيراً امرأةً ولكنْ أنا

أنا أعرف أنني أحبُّ كثيراً امرأةً ولكن أنا لا

أنا أعرف أنني أحبُّ كثيراً امرأةً ولكن لا أعرفُ

أنا أعرفُ أنني أحبُّ كثيراً امرأة ولكنْ لا أعرفُ

من هي؟

13

أعرف أن التحدثَ هو المشيُ على خيطٍ، بفراغٍ على اليسارِ وبفراغٍ على اليمين. أعرف أن لا شيء يمسكُ بطرفي الخيط. أعرف أن الكتابةَ هي التحدثُ في زمنٍ ساكنٍ.

14

أعرف أن كل كلمة يَكْتنُفُها ألف كلمة. أعرف أن كل كلمة تتموضع على كل كلمة موجودة في داخلها. أعرف أن الجملةَ هي نظيرُ ألفِ جملة وأن التفكيرَ له قرابةٌ مع السباحةِ.

15

أعرف أن كل شاعرٍ حقيقيٍ هو شاعرٌ خاسرٌ. وأن كل شاعرٍ خاسرٍ ليس بالضرورةِ شاعراً حقيقياً. أعرف أن شاعراً مدعياً هو أحياناً شاعر حقيقي. أعرف أن خصوصية الشاعر أمرٌ نسبيٌ وخطيرٌ.

16

القراءةُ ليس بالضرورةِ التحليل ولا "الفهمَ". في المسبحِ، لا نسأل السباحَ مما تتركّبُ المياه، لا عدد ولا أوضاعَ السباحين، أو لماذا ذلك يقومُ بذلك النوع من السباحةِ في ذلك اليوم وليس في غيره. لا نسأله كتابةً، وهو يسبحُ، عن هندسةِ المكان المعماريةِ والصوتيةِ أو شرحِ عصفورٍ سجينٍ في القبة، ولا تقليد عبورِ فقمةٍ أولمبيةٍ. لا نسأله أن يحفظَ غيباً مواعيدَ الافتتاحِ والإغلاقِ ولا الصفيرَ على مقعدٍ، بينما يسبح بطريقةِ متر الفراشةِ، وطيلةَ السباق. لا. لا نسأله، كي ننتهي، بعد كل غطسةٍ، بأن يظهرَ لنا معنى غائباً، نفيَ أعماق المسبح. لا. نتركُ السباحَ يسبحُ. نترك السباحَ يسبحُ. والمسابحُ مكتظةٌ بالسباحين.


17

أعرف أنني أعيشُ مفكراً في صومعةِ كتبٍ. صدرتْ للتو بضعةُ كتبٍ، جديدة، رائعة. لكن أعيش بين أكثرِ الكتب تعفناً وفساداً شبيهةً بتلة خفيفةٍ من الغبار. لا يتبقى إلا البنيانُ المعدنيُ وذراتٌ صغيرةٌ من معرفةٍ غيرِ قابلةٍ للاستعمالِ. الضوء يأتي من نوافذَ نادرةٍ، يعبرُ الصومعةَ دونما صعوبةٍ.


18

أعرف كي أجد بضعَ صورٍ مأخوذة بطريقة داكر في سَقِيْقَةٍ ـ صوراً نصفيةً رتَّبَها الزمنُ والضوءُ ـ أن النسيانَ شيءٌ كبير أن النسيانَ هو يانَصِيْبُنا الأجملُ.


19

أؤمن أن الله غيرَ موجودٍ. هذا مكتوبٌ من أجلي في كل مكانٍ في صومعةِ الكتب. هذا مقروء أيضاً عبر الكوى الزجاجيةِ الصغيرةِ. أعرف بعد الموتِ لا يوجدُ غيرُ الموتِ الذي لا يصنعُ أيَّ جلبة.


20

أعرف أنني ناظرٌ من خلال التخم بين اللغة والعالم، أرى الكون فوضى تتنامى. لكن لا أعرف حقيقةَ الوضع لو تسلقتُ حتى قمة شجرة "إحدى هذه الأشجارِ الموجودة على التَخْمِ بين العالمِ واللغةِ" حيث نرى بعيداً في الوقتِ نفسه، في اللغةِ والعالمِ.


21

أعرف، لأنني تسلقتُ حتى قمةِ شجرة، أن خلف اللغة، يوجدُ حقل شاسع، بزهورٍ رماديةٍ ودروبٍ مضللةٍ.





التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads