الرئيسية » » طائرٌ وحيد إلى صلاح فائق | محمد حربي

طائرٌ وحيد إلى صلاح فائق | محمد حربي

Written By كتاب الشعر on الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014 | نوفمبر 25, 2014

طائرٌ وحيد

إلى صلاح فائق

***
في كلِّ سِرْبٍ للْعصافيرِ 
طائرٌ يَشْرُدُ بعيداً 
لِيُغَنِّي وَحده على فرعِ شجيرةٍ وحيدةٍ،
قَطَعَتْ الطريقَ على الأحلامِ الغائمةِ
لكن ظِلًّا مُهاجِراً يصنَعُ فُلْكاً ويُنادِي:
اقْفِزْ مَعَنا، وغَنِّ كما تُريد
ويمضي الماءُ بعيداً 
فيبْقى الغناءُ مُعَلَّقًا
على فرعِ شجرةٍ وحيدةٍ
***
في كلِّ قطيعٍ مِعزاةٌ شريدةٌ
تَثْغُو وحْدها ،
وهي تُفَتِّشُ في الغُبارِ عنْ وَليفٍ
أو شاعرٍ يجيدُ الغناءَ 
فَتَقِفُ الأعشابُ الُمحْتَرِقَةُ بينها وبين حُلمِ العبورِ 
وتَأْوي الجبالُ أحلامَ القطيعِ المُمْكِنَةِ 
ثمَّ تُغْلِقُ البابَ على قَدَمَيِّ حُلْمٍ صغيرٍ
تسقطُ صَخْرَةٌ على جَسَدِ أُغْنِيَةٍ 
ويبقى ثُغاءٌ وحيدٌ وبقايا غُبار
***
في كلِّ صقيعٍ قطعةُ ثَلْجٍ صغيرةٍ
تشتَعِلُ لِتُدْفِىَء نَفْسَها بيَن ساقَيّ صخرةٍ 
يبحثانِ عن مَعْنَى للبَقَاءِ صامِتَيْن مُنْذُ الأزَلِ
وفي كلِّ صَقيعٍ تَسْتَقيل شمسٌ 
تعمَلُ جاريةً بلا أجرٍ في خدمةِ سيدةٍ قاسيةٍ 
فلا يَكفي ضَوْؤُها لصَبْغِ أجْسادِ البَناتِ 
بِسُمْرَةٍ فاتنةٍ على البحرِ 
ولا لإطعامِ العصافيرِ الشريدة
ولا الماعزِ التي لا تزال تبحثُ عن وَليف
ولا يكفي لِشُعاعٍ يَتَسَّللُ بينَ القُضْبان
لِرَيِّ شهيدٍ مُحْتَمَلٍ بما يكفي لِرِحْلَةِ السماء
فيصبحُ العشقُ والحريةُ و الوطنُ
حقائبَ سَفَرٍ أبديةٍ خلفَ الأبوابِ
تَنْتَظِرُ الصباحَ
ويصبحُ الكونُ مرْهوناً لِثَدْيٍ فَقيرٍ 
يَنِزُّ ضياءً من السماءِ ويَحْلُمُ باشْتِهاءٍ بَعيدٍ
ويبقى الصقيعُ طويلاً
*** 
في كلِّ القصائدِ شاعرٌ وحيد
يحبُّ غناءَ العصافيرِ الشاردةِ
وثُغاءَ المطرِ على الترابِ في الغروبِ
يُغَنِّي وحْدَهُ فيَرْجُمُهُ القطيعُ بِصَخْرَةٍ 
حالَتْ بينَ الثُّغاءِ والعبورِ
أو يسحبُ النهرَ من تحتِ قدمَيْهِ لِيُعَرِّيهِ 
فيَطْلُعُ لهُ الوطنُ شجرةَ كافورٍ
مهجورةٍ بينَ الحٌُقولِ
وجسراً يتهاوَى كُلَّما هَمَّ بالكتابةِ 
ودَمَاً مُناسباً لِحدائقِ الغناءِ
***
يكتبُ الشاعرُ بِقَلَمٍ من البوصِ على الترابِ
ويَمْحُو المطر ما يريد :

1
عندما يُصْبحُ الوطنُ نهرًا مهاجرًا
لا يأوي سوى الغُرَباء في خيمَتِهِ
والفقراءُ على الجانبين يُهَلِّلونَ لِرَقْصَةِ الأسماكِ 
التي تَطيشُ سِهامُها وهي تصطادُ
جُثثًا طافيةً رفَضَ النهرُ نَقْلَها للْمَصَبِّ
فلا تَنْزِلوا النَّهْرَ قبلَ تمامِ المذْبَحَةِ 
2
عندما يُصْبِحُ الوطنُ أريكةً لا تكفي لِظِلَّيْنِ
يصبحُ العشقُ في الحدائقِ مَأْتَماً صامتاً ومرْثِية
الوطنُ بعدَ المذْبَحة
زجاجةُ خمرٍ مغشوشةٍ تسَلَّلتْ وحْدها من الجَماركِ
ولذلك لا يمكنُ أن نَنْسَى أنَّ الحدائقَ 
تُكَدِّسُ الجُثَثَ التي باتَتْ طوالَ الليلِ تَحْرُسُ قاتليها
حتَّى يَرْضَى النهرُ 
وينْقِلُهُم للحقولِ غرساً مناسباً لما قد يكون
4
إذا رأيتُم قَصَائدي تَتَسَكَّعُ عندَ شاطىءٍ معَ كَلْبي
فاسْرِقوها
واقْرَأوا نُباحَ كَلْبي فَهُو قصيدةٌ أُخرَى
وتابِعوا غُبارَكُم فأنا أطيرُ مع حِصانٍ 
في حديقةٍ من حروفٍ أُفَتِّشُ عنْ خيبَةٍ جديدةٍ
ومَنْفَىً فَخيم بخيام لها أجنحة 
وثُغاءٍ نَسيتُهُ في المَحْرَقَة 
تحت أحْذِيَةِ الغُيومِ
ولا تُزْعِجُوا زُجاجَتِي الفارِغَة
محمد حربي




التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads