الرئيسية » » أنت أمام البحر لا تقول شيئا | محمد الحرز

أنت أمام البحر لا تقول شيئا | محمد الحرز

Written By هشام الصباحي on السبت، 11 أكتوبر 2014 | أكتوبر 11, 2014

أنت أمام البحر لا تقول شيئا ، لا تصغر أو تكبر ، قدماك اللتان تسبقانك إلى هناك هي أيضا لا تقول شيئا ، يداك الصامتتان المندهشتان من فرط تدفق أمواج البحر في عروقها مشغولة بتنظيف مجرى دمك ، حتى عيناك اللتان تعودتا على أن ينام البحر في أجفانهما ، ونظراتها تلاحق نظراته ، وأحلامها تلاعب أحلامه ، لا تستطيع أن تقول شيئا . وكأنك سيارة تعطل محركها فجأة دون أن تعرف موقع العطب أو سببه. دائما ما كنت أصرخ على أعضائي فيما مرأى البحر لا يبعد عني سوى أمتار قليلة ، أصرخ في براريها ووديانها وصحرائها . لكن الصدى وحده الذي يملؤه اليأس هو من يصفع وجهي ، وحده من يفكك هيكل السيارة ويحولها إلى مجرد حطام . لذا أحسد الذين عندهم القدرة كي يقولوا الكثير للبحر ، ليحدثوه دون يفكوا شفرة لغته أو حتى يترجموا ما يقوله إلى لغتهم الأصلية . أنا لم أعش هذه الحالة في حياتي أبدا . نعم عشت البحر في طفولتي ، سقطت منها أيام كثيرة ، ولا أعرف إن كانت وصلت قاعه وعاشت هناك أم خطفتها أسنان فك مفترس ؟ لم أتدرب كثيرا على استرجاع هذه الأيام من ذلك الفك ، ولم أتدرب في حياتي على انحيازي للبحر بوصفه كائنا لغويا ، يمكنك أن تستضيفه في بيتك ، تضع له كرسيا مريحا ، وتعطيه كأسا من النبيذ وتقول له : حدثني عنك أيها الشيخ العجوز !

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads