منها
وحيدة !و يحي! بلا راحة | ما بين موج طاغيات قواه |
تجري بي الفلك كأرجوحة | حيرى بأقيانوس هذي الحياه |
أبحث عنه ، و سدى ما أرى | أين حبيبي ؟ أين سارت خطاه ؟ |
لم يهدني نجم إليه ، و لم | يبسم لي الحظّ فألقى سناه |
و ليس لي من موجة برّة | تحملني في إثره كي أراه |
من شاطئ الرّاحة لم يدن بي | إليه أفق لا يرى منتهاه ! |
هناك في الشّاطئ وا فرحتا | أعزّ إنسان صفا لي هواه |
منتظرا لي ، شاخصا ، باسما | تشير بالآمال لي راحتاه |
لكنهما هيهات ، كيف السّرى | و أين من عصف الرّياح النّجاه ؟ |
أصار حتما أن يرى زورقي | محطّما قد مال بي جانباه ؟ |
و هل فضاء البحر أو غوره | مهما تناءى و ارتمت لجتاه |
يكفي مداه أن توارى به | جميع آلامي ؟ أيكفي مداه ؟ |
***
| |
نمت زهرة في غضون الخريف | كحلم من الماء و الخضرة |
كزنبقة في زهى حلّة | ربيعيّة الوشي محمّرة |
تبثّ المراعي نورا يشفّ | و يجلو الطّهارة في النّظرة |
كأنّي بها قدحا مترعا | به مزج السمّ بالخمرة |
لها وهج الحبّ في قبلة | على شفة شبه مفترّة |
ألا أنّها هي بقيا الهوى | و آخر ما فيه من نضرة |
ألا أنّها هي صهباؤه | و آخر ما فيه قطرة |
تميت و تحيي فيا للحياة | و الموت إلفين في زهرة ! |
***
| |
إن أنا قاومت هياج العباب | مصطرعا و الأفق داجي السّحاب |
و لم تدع كفّي إلى زورقي | زمامه حرا و خضت الصّعاب |
فسوف يلقيه خفيّ القضا | محطّما فوق الصّخور الصّلاب |
و إنّ أقوى ساعد عاجز | أن يمسك المجداف دون اضطراب |
إن عاند الأمواج فهو الذي | يحفر في اليمّ حفير التّباب |
وهو الذي يسعى إلى حتفه | في هوّة مغفورة في العباب |
فليلق بالمجداف من كفّه | و ليترك الموج طليق الرّغاب |
و ليمض بالزورق ما يشتهي | إلى القضاء الحتم دون ارتياب |
و ليبتلعه الموج في جوفه | فلا مفرّ اليوم ممّا أصاب |
طال كفاحي ، و يح نفسي فما | طول كفاحي غير طول العذاب ! |
***
| |
أطلّ الخريف بأعقاب ليل | دجيّ الظّلام بكيّ السّحب |
و آخر ما في الرّبى زهرة | عداها من الصّيف وقد اللّهب |
غدت وحدها أديم عفا | من النّور و الورقات و القشب |
كحارسة الميت ليست تريم | مكانا به وقفت تضطرب |
تساقط من حولها أدمعا | غصون تطالعها عن كثب |
جرى الغيث ، من ورقات بها | إلى أخر شاحبات ، صبب |
تحدّر مختنقا فوقها | بلا نبأة قطره المنسكب |
فيا من لها زهرة الجورجين | من الزّائر الحائر المقترب ؟! |
جناح لآخر ما في الفراش | من رحمة بقيت أو حدب |
مضى الصّيف و انقطعت إثره | أغاريد كنّ مثار الطّرب |
نأى طيرها عانيا و اختفى | غرام أتى ..و غرام ذهب..! |