الرئيسية » » صاحب الأهرام | علي محمود طه

صاحب الأهرام | علي محمود طه

Written By Unknown on السبت، 28 سبتمبر 2013 | سبتمبر 28, 2013

صاحب الأهرام


هلّ متن بين الموت و الميلاد إلاّ حياة مآثر و أيادي ؟
و هل استطبت على الرّفاهة و الصّبا إلاّ نهار ضنى و ليل سهاد ؟
و كفاح أيّام و عرك شدائد بجميل صبر أو طويل جهاد ؟
متواضعا ، نترفّعا ، ترقى الذّرى في مثل صمت الكوكب الوقّاد
يلقى أشعّته هناك و ههنا و يضيء في الأغوار و الأنجاد
أهرامك المثلى نتاج قرائح خلافة موصولة الأمداد
دنيا من الفكر الطّليق و عالم رحب الجوانب شاسع الآماد
تهدي الحيارى المدلجين كأنّها في شاطئ الوادي منارة هادي
قم يا فتى الأهرام و انظر رفقة ينتظّرون خطاك في الميعاد
و يسائلون بك العشيّ كدأبهم هذا النديّ ! فأين صدر النّادي ؟
يا لهف ، ما علموا بأنّك مزمع سفر الحياة و رحلة الآباد
يا لهف ما ظفروا كما عوّدتهم عند الوداع بنظرة و تنادي
حين الوفاء الجمّ شيمتك التي أسرت قلوب أحبّة و أعادي
دخلوا عليك البيت جسما ضارعا متفرّدا ، و الموت بالمرصاد
و الفكر صحو ، و الجبين شعاعة ألاّقة الرّوح في إيقاد
و الشّمس بين سحابتين تدجّتا رمق يصارع حينه و يرادى
في شاطئ قاني المياه كأنّها مصبوغة بدم النّهار الفادي
هي صورة لك و المساء مقارب و الرّوح ركب ، و المنية حادي
و القلب في كفّ القضاء فراشة رفافّة و العمر وشك نفاد
عجبا أيشكو قلبه من قلبه كنز الرّضى و الخير و الإسعاد !
و تخونه الأنفاس و هو رحابة كم نفّست عن أمّة و بلاد ؟
و إذا أتى الأجل النّفوس فلا تسل عن صحّة الأرواح و الأجساد
أأبا بشارة لا يرعك بعاده مصر اجتبته فلا ترع ببعاد
آثرتها بهواك ، يا لغرامها ! هي مصر مهد الموت و الميلاد
حفظت لولدك الصّنيع المجتبى و رعت فتاة البرّ في الأولاد
و رأت نجيبك فاستفاض حنانها لسميّه المرجوّ في الأحفاد
ذكرت بيتمك يتمه فتفجّرت حبّا ، و قبّلت الرّجاء البادي
لبنان نازعها هواك و ما رأى لبنان إلاّ من ضفاف الوادي
الأرز فيه و النّخيل كلاهما أعشاش حبّ أو خمائل شادي
أرض العروبة لا تخوم و لا صوى ما مصر غير الشّام أو بغداد
و أخوّة بالمسجدين و جيرة من آل طارق أو بني عبّاد
قسما بأمساء النّديّ و مجلس متألّق بالرّفقة الأمجاد
و جمال أسحار و طيب أصائل بالذّكريات روائح و غوادي
و محبّة للخير صفو مزاجها مرضاة نفس أو عزاء فؤاد
ألاّ استمعت إلى رفاقك ليلة و النّار في مهج و في أكباد
جمد المداد عللا شبا أقلامهم فصريرها نوح و لحن حداد
وا حسرتا ! أيّ الرّثاء أصوغه لوفاء حقّ محبّتي و ودادي ؟
أرثيك للأمم التس شاطرتها كرب الخطوب و فرحة الأعياد
و أذعت دعوتها و جزت بصوتها في المغربين شوامخ الأطواد
و وصلت بين قريبها و بعيدها رحم العروبة أو عهود الضّاد
قم حدّث القرّاء عما شعته في العالم المتنافر المتعادي
وصف الممالك و الشّعوب كما ترى ببراعة الوصّافة النقّاد
تطوي الغمائم و الخضارم و الثّرى و تجول بين حواضر و بوادي
بفطانة الصّحفيّ و هي بصيرة تغزو و تفتح مغلق الأسداد
يا ربّما نبأ أثار بوقعه ما لا تثير ملاحم الأجناد
و هدى قبيلا أو أضلّ جماعة لسبيل غيّ او سبيل رشاد
و الهف نفسي كم تمنّيت المنى يوم السّيوف تقرّ في الأغماد
هل كنت تبصر من حضارة عصرها إلا نثير حجارة و رماد
إنّ السّلام الحقّ ما آثرته و الأرض غرقى في دم و سواد
و النّاس ما زالوا كما خلّفتهم صرعى و الهوى و فرائس الأحقاد ؟
***
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads