الرئيسية » » نكاية في النّيكوتين | يوسف رزوقة

نكاية في النّيكوتين | يوسف رزوقة

Written By غير معرف on الاثنين، 5 أغسطس 2013 | أغسطس 05, 2013

نكاية في النّيكوتين
شيء من الحلوى أو محاولة فاشلة للإقلاع عن التّدخين

كم يلزمني من علبة حلوى ، من وقت...
كي أقلع، بعد غد، من حيث أردت، عن التّدخين؟
وهل يجدي هذا التّنظير لأقلع، بعد غد، من حيث أردت، عن التّدخين؟
لم التمطيط إذن؟
فلأقلع عنه، هنا والآن
هنيئا لي
أقلعت نهائيّا عن عادة تسميم المبنى
هذا الصّندوق الأجوف
حيث القلب النّابض والرّئتان
ولكنّي لم أقلع، بعد، عن التّدخين
أنا في مرحلة استعداد أولى
أقنع نفسي يالإقلاع عن التدخين  وبالتّعويل على أسطول إرادتها
لكنّ إرادتها المشلولة لا تكفي
لا بدّ إذن من تخطيط فولاذيّ من نوع آخر
أن أنسى مثلا أنّي دخّنت قبيل دقائق أو أيّام أو عامين
وأنّ الواحد منّا يصبو في الخمسين إلى خمسين ربيعا آخر
أنّ الطّقس جميل يغري باستنشاق قليل من عطر امرأة
أنّ الموضوع جدير باستنفار قوى أخرى
لابدّ إذن من شيء آخر يقنعني بضرورة أن أنسى التّدخين إلى  الأبد
لا بدّ من امرأة ما، تعطيني بدل السّيجارة شيئا آخر: ثروتها مثلا أو حبلا من مسد
هذا العصفور الأرعن، يزعجني
مع كلّ صباح، حتّى اللّيل، يزقزق زقرقة لا طعم لها
أرميه بأقذع ما في المهجة من زبد 
فيطير إلى أعلى
يتلولب كالخذروف
وكالخذروف يدور على أصفار يرسمها في الجوّ  ويمحوها
ليعود إلى أذنيّ بأنكر زقزقة في الكون
أليس له ما يفعله هذا العصفور الأرعن، في مستنقعه هذا؟
أن يفعل مثل عموم الخلق، بعيدا عن سمعي
أن ينقر عين أخيه ليفقأها مثلا
أو يفعل شيئا يمكث في الصّحراء لقافلة الضّالّين من الحمقى؟ 
هي عدوى الجيل العاطل، في هذا الزمن الموبوء، إذن...
جعلته يؤجّل أعمالا وشؤونا عالقة
ليزقزق كلّ صباح، حتّى اللّيل، بلا هدف
لا تنقصنا إلاّ الموسيقى 
!
قال غراب البين
وأمعن في التّحليق إلى الجهة المجهولة
حيث الوقت الضّائع شوكولاطة كلّ النّاس
وحيث أنا أتجمّل للتّاريخ
وأكتب لامرأة لا تقرأ
أو لشعوب تقرأ ما يخفيه الغيب بموهبة الدّيناصورات المنقرضه 
لا ! لن أحتلّ، بهدي من شعراء الرّمز، ذرى الأشياء
فلي ما يكفي :
شيء أحمله، كالحنظل، في حلقي
وشعوب من صنعي
هيّأت لها في الحلم، بأرض منخفضه
أعلى ما ينشده الرّاعي لرعيّته:
كوخا يسع الدّنيا
ولكلّ فم قوتا، من زرع لم يتلفه الرّعي الجائر
هل يكفي؟
كم يلزمني من معجزة...
كي أقلع، بعد غد، من حيث أردت، عن التّدخين؟

وقح جدّا هذا العصفور
ولا أخلاق له
ما انفكّ يزقزق
أنهره
لا يأبه، لا يحمرّ له وجه
هل يحسبني مثل الشّعراء الرّومنطيقيّين، أحبّ الموسيقى وبحيرة لامارتين وضوءا يرسله، عشوائيّا، قمر بشع؟
هل يحسبني مازلت أحنّ إلى الأطلال وأبكي أندلس الأجداد بعين واحدة، عوراء؟
أدخّن مرحلتي
بخطى لصّ 
يسري نيكوتين  في أوراق الكوكا، في الفلفل أو في الباذنجان  
و يغزو الأنسجة السّرّيّة للأشياء وللإنسان
لمن هذا العصفور يغنّي؟
لي؟
لم أطلب ذلك منه...
لغيري؟
من حمقى الكرة الأرضيّة،
يجمعهم، وقلوبهمو شتّى، شيء كرويّ في ميدان ليس لهم
هذا الأفيون القاتل بالتّدريج وأفيونات أخرى
تجعلني أجري كالمجنون إلى جهة لا أعلمها
وأدخّن في الأثناء لفافة مرحلتي
أسأل جان بول سارتر:
هل من فلسفة بين الأقدام السّحريّة في ميدان ليس لها والأقلام الضّالّة في صحراء بلا ينبوع؟
من"الغثيان" إلى "الأيدي القذره"
هذا التّاريخ أكوّره في شكل لفائف تبغ هافانيّ
بتّ أدخّنها بين الأكذوبة والأخرى
بشراهة فيدال كاسترو
لأصاب بمغص في القولون...





التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads