اعذريني
كَتَمْتُ بأعماقي غراماً مُؤجَّجاً | عَنِ اْلنَّاسِ كَيْلا يعلمُ الناسُ ما بيا |
فَبَاحَت بِسِرِّ القلبِ دَقَّاتُ عاشِقٍ | وَ عَيْنٌ تُريقُ الدَّمْعَ كالدُّرِّ غاليا |
وَ حدَّثتُ نفسي بالذي كُنتُ مُضمراً | كأنِّي إلى نفسي تقدَّمْتُ شاكيا |
فَقُلْتُ اْعذريني ، قَدْ كَوَى اْلشوْقُ مُهجتي | و أضنى أُوارُ البُعدِ عنها فؤاديا |
أيا بِنْتَ جَنْبيَّ اْرفُقي إنْ رَأَيْتِنِي | شَغُوفاً بِمَنْ جَالَتْ فَأَذْكَتْ حياتيا |
لَئِنْ أَبْصَرَتْ عيناكِ في مثل حُسْنِها | إذا أَسْفَرَتْ ، أَدْرَكْتِ كيف اْنشغاليا |
هِيَ الصُّبحُ إنْ تَبْسُمْ، هِيَ الشَّمْسُ في الضُّحى | هيَ البدرُ إن تطلُعْ ، أضاءتْ لياليا |
هِيَ الكوْكبُ الدُرِّيُ في جِيدِ ليلةٍ | بدا بينَ أَجْرامِ السَّمَواتِِ ساميا |
سَقَتْنِي رُضابَ الثَّغرِ شَهْداً مُكرراً | و نهراً من الألحانِ يختالُ صافيا |
بكأسٍ من الفيروزِ قد أَسْكَرَتْ دمي | فداويتُ ما أعيى الطبيبَ المداويا |
وَ جُبْتُ رِياضَ الخدِّ أسقي وُرُوُدَهُ | فكانتْ ورودُ الخدِّ من جاء ساقيا |
ألا ليت شعري ، كم عجبتُ لظامئٍ | روى ظامئاً نبعاً من الحُبِّ جاريا |
وَ كَمْ صَوّبَتْ سَهْماً إلى القَلْبِ نافذاً | فطالتْ عنيداً خاليَ الذِّهْنِِ قاسيا |
فما كان في صيدِ الفراشاتِ ماهراً | و ما كان في عشقِ الجميلاتِ ماضيا |
فما قيمةُ الإنسانِ دونَ مروءةٍ | و لا مذهبٍ يُبقيهِ في الناسِ عاليا |
و ما قيمةُ الدنيا إذا غابَ فَجْرُهَا | و ما الفجرُ إلا إنْ سَنَاهَا بدا لِيا |
أراها و قد ضَمَّتْ عظيماً وَ ضِدَّهُ | فقد أسعَدَتْ قُرْبا ًو أَشْقَتْ تجافيا |
فإنْ أَزْمَعَتْ هجري و ضنَّت بوصلها | قبلتُ النَّوى منها ، و فيهِ فنائيا |