الرئيسية » » بين الشرق و الغرب | علي محمود طه

بين الشرق و الغرب | علي محمود طه

Written By Unknown on الأحد، 29 سبتمبر 2013 | سبتمبر 29, 2013

بين الشرق و الغرب

مسراك نور و أنسام و أنداؤ فاخفق شراعي ، و طر ، يصدح لك الماء
يا أيها القلق الحيران كم أمل تشدو به موجة في بحر العذراء
يحدوك بالنّغم السّكران أرغنها في مسبح ماؤه زهر و صهباء
أما ترى البحر يبدو في مفاتنه لكلّ جبّ جديد فيه أجواء ؟
و فجره صائد طارت بمهجته حوريّة في فجاج اليمّ شقراء ؟
و ليله مرقص تغشاه غانية في مطرف أسود وشّاه لألاء ؟
شتّى مواكب من روح و آلهة لها التّفات إلى الماضي و إصغاء
تهرّها بقديم الشّوق أشرعة مرنّحات تغنّهن أنواء
يقودهنّ على الأمواج في مرح ملاخ واد له بالتّيه إغراء
ما بين عينيه سال البرق مبتسما و استضخكت قلبه مزن و هوجاء
زوته عنها السّنون السّبع و اختلفت عليه من بعدها نعمى و بأساء
مغرّبا في ديار من عشيرته بها الأحبّة حسّاد و أعداء
و قيل كفّته عن دنيا شوارده بيضاء من شعرات الرّأس غرّاء
لا يا غرامي ، و هذا الفنّ ملء دمي بالنّار و الصّبوات الحمر مشّاء
ما أفلتت من يدي غيداء عاصية إلا و عادت إليها و هي سمحاء
و ذاك شاطئنا المسحور تزحمه من ذكرياتك أطياف و أصداء
على الصّخور الحواني من مشارفه ربّات وحي ، و أشواق ، و أهواء
أقمن منتظرات ، ما شكون ضنى و قد تعاقب إصباح و إمساء
حتّى رأتني على بعد مطوّقة مجروحة الصّوت ، و لهى اللّحن ، سجواء
همّت تغنّي فكانت نبأة و صدى صحت لوقعهما دوح و أفياء :
عرائس الشّعر قد عاد الحبيب ، و في عينيه سهد و تعذيب و إضناء
آب المغامر من دنيا متاعبه أما له راحة منها و إغفاء ؟
دعيه يحلم بأنّ البحر في دعة و الرّيح ناعمة ، و الأرض قمراء
و انها في ظلال السّلم نائمة و أنّها جنّة للحبّ غنّاء
و قرّبي كأسه و اصغي لمزهره يسمعك أشجى نشيد زفّه الماء
***
و قيل لبنان سحر الشرق ، فاندفعت سفينة و هفت بالشّوق دأماء
أوحى له الشّرق أنّا من أحبّته و أنّنا في الهوى أهل أودّاء
فقرّبتنا و شفّت عن بشاشته به قرى كربوع الخلد شجراء
في كلّ منحدر منها و مرتفع مسحورة النّبع ، ريّا النّبت ، جلواء
فعلّقت بمغانيه نواظرنا و قبّلت نسمات الأرز حوباء
و استقبلتنا الطّيور في مناقرها شدو ، و زيتونة للشّرق خضراء
ترقّص الموج إذا مسّته أجنحها كقلب آدم إذ مسّته حواء
في ساحل من خرافات و أخيلة بهنّ لبنان روّاح و غدّاء
لاحت على سفحه بيروت فاتنة صبيّة و هي مثل الدّهر شمطاء
توسّدت صخرة الآباد و التفتت ترعى سفائن من راحوا و من جاؤوا
أتلك بيروت ؟ أم بابل صور معلقات ، لها بالسّحر إيحاء !
شغل العباقرة الشادين من قدم مجددين لهم في المجد أسماء
و أومأت بالهوى عاليّ فاعتنقت من حولنا ثمّ أظلال و أضواء
قامت تنسّق من ماء و من شجر فكلّ ناحية زهر و أجناء
كأنّما نبّئت من عشتروت لقا فازيّنت فهي سيقان و أثداء
تقول : يا ربّة الحسن انظري و صفي: أفوق واديك مثلى اليوم حسناء ؟
عاليّ ، رفقا بأبصار مدلّهة لها إلى الحسن بالألباب إفضاء
عاليّ ، إنّا نشاوى من هوى و أسبى إنّا محبّون ، يا عاليّ ، أنضاء
و حان بعد وداع من فرادسها و قد حرت بخطى الشّمس المليساء
فاغرورقت بدموع الوجد أعيننا و أشفقت من وجيب القلب أحناء
و سار عنها شراع حائر قلق له إلى الغرب بالأسفار إيماء
***
يل بحر ما بك ؟ هل مسّتك عاصفة أم استخفّك إزباد و إرغاء ؟
أشاقك الغرب أم شفّتك موجدة لما خبت من ربوع الشّرق أسناء ؟
هذي السّماء صفاء ، و الدّجى قمر للحسن فيه و للعشّاق ما شاؤا
يا بحر ما بك ما بي! مصر ما بعدت ولي إليها بهذا الشّعر إسراء
عجبت و العصر حرّا كيف في يديها هذا الحديد له حزّ و إدماء !
أقسمت لا رجعت بي فيك جارية إن لم تجئ عن جلاء القوم أبناء
و أنّ مصر بحريّاتها ظفرت فأهلها اليوم أحرار أعزّاء
أقسمت ، إلاّ إذا نادت بقتياها فهبّ مستقتل عندها و فداء

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads