على النيل
أخي ! إن وردت النّيل قبل ورودي | فحيّ ذمامي عنده و عهودي |
و قبّل ثرى فيه امتزجنا أبوّة | و نسلمه لابن لنا و حفيد |
أخي ! إن أذان الفجر لبّيت صوته | سمعت لتكبيري و وقع سجودي |
و ما صغت قةلا أو هتفت بآية | خلا منطقي من لفظها و قصيدي |
أخي ! إن طواك الليل سهمان سادرا | نبا فيه جنبي و استحال رقودي |
أخي ! إن شربت الماء صفوا فقد زكت | خمائل جنّاتي و طاب حصيدي |
أخي ! إن جفاك النهر أو جفّ نبعه | مشى الموت في زهري و قصّف عودي |
فكيف تلاحيني و الحاك ؟ إنّني | شهيدك في هذا .. و أنت شهيدي ! |
حياتك في الوادي حياتي ، فإنّما | وجودك في هذه الحياة وجودي |
***
| |
أخي ! إن نزلت الشاطئين فسلهما | متى فصلا ما بيننا بحدود ؟ |
رماني نذير السّوء فيك بنبأة | فجلّل بالأحزان ليلة عيدي |
و غامت سمائي بعد صفو و أخرست | مزاهر أحلامي و مات نشيدي |
غداة تمنّى المستبد فراقنا | على أرض آباء لنا و جدود |
و زفّ لنا زيف الأماني علالة | لعلّ بنا حبّ السّيادة يودي |
أخوّتنا فوق الذي مان ة ادّعى | و ما بيننا من سيّد و مسود |
إذ قال الإستقلال فاحذره ناصبا | فخاخ احتلال كادّهور أبيد |
و كم قبل منّاني ، على وفر ما جنى | بحربين ، من زرعي و ضرع وليدي |
فلما أتاه النّصر هاجته شرّة | فهمّ بنكراني و رام جحودي |
ألا سله ، ماذا بعد سبعين حجة | أأنجز من وعد ؟ أفكّ قيودي ؟ |
يبدّلني قيدا بقيد كأنّه | مدى الدّهر فيها مبدئي و معيدي |
أخي ! و كلانا في الإسار مكبّل | نجرّ على الأشواك ثقل حديد |
إذا لم تحرّرنا من الضّيم وحدة | ذهبنا بشمل في الحياة بديد |
و ما مصر و السودان إلاّ قصيّة | موحّدة في غاية و جهود |
سئمنا هتاف الخادعين بعالم | جديد ، و لمّا يأتنا بجديد |
و جفّت حشاشات و عدن بمائه | فلما دنا ألفت سراب وعود |
و طال ارتقاب السّابغين لناره | على عاصف يرمي الدّجى بجليد |
إذ يدنا لم تذك نار حياتنا | فلا ترج دفئأ من وميض رعود |
إذا يدنا لم تحم نبع حياتنا | سرى ريّه سمّا بكلّ وريد |
سيجريه ما شئت مطامع قومه | و يحبسه ما شاء خلف سدود |
و كيف ينام المضعفون و حولهم | ظمأ نسور أو جياع أسود ؟ |
أخي هل شهدت النيل غضبان ثائرا | يرجّ من الشطآن كلّ مشيد ! |
جرى من مصبّيه شواظا لنبعه | على نفثات من دم و صديد |
و جنّات نخل واجمات كواسف | و أسراب طير الفلاة شريد |
لدى نبأ قد ريع من حمله الصّدى | و ضجّ له الموتى وراء لحود |
جنوبك فيه و الشّمال تفزّعا | لتشتيت أهل و انقسام صعيد |
أحال ضياء الصّبح حولي ظلمة | بها الحزن إلفي و الهناء فقيدي |
و سعّر أنفاسي فأطلقت نارها | على الظالم الجبّار صوت و عيد |
أرادك مفصوم العرى و أرادني | بهدم إخاء الجبال مشيد |
ليأكلنا من بعد شلوا ممزّقا | كطير جريح في الشّباك جهيد |
تحاليل شيطان الأساليب لم يدع | مجالا لشيطان بهنّ مريد |
***
| |
على النيل يا ابن النيل أطلق شراعنا | و قل للياليه الهنيّة : عودي |
و أرسل على الوادي حمائم أيكه | برنّة و لهى أو شكاه عميد |
و قل : يا عروس النّبع هاتي من الجنى | و دوري علينا بالرّحيق وجودي |
و هبّي عذارى النّخل فرعاء و ارقصي | بخضر أكاليل و حمر عقود |
ألا يا أخي و املأ كؤوس محبّة | مقدّسة موعودة بخلود |
إذا هي هانت فانع للشّمس نورها | و للقمر السّاري بروج سعود |
و قل : يا سماء النيل ويحك أقلعي | و يا أرض بالشّمّ الرّواسخ ميدي |
و غيضي عيون الماء ! أو تفجّري | لظّى ، و إن استطعت المزيد فزيدي ! |