أندونيسيا
سحائب حمر ؟ أم سماء تضرّم ؟ | أم الشّمس يجري فوق صفحتها الدّم ؟ |
على مشرق الإصباح من أندونيسيا | سيوف تغنّي أو حتوف ترنّم |
و فوق رباها يزحف الموت ضاحكا | على جثث منهن يروي و يطعم |
فراديس شرق ذيد عنهن أهله | و هنّ لأهل الغرب نهب مقسّم |
يدار بها ماء الجماجم مثلما | يدار على الشّرب الرّحيق و يسجم |
و في أراضها أو أفقها صوت محنق | كأنّ صداه الغيب ، لو يتكلّم ! |
تميد الصحارى و الجبال لوقعه | و تشفق أنواء ، و يفرق عيلم |
و ترتدّ حتّى الشّهب عن سبحاتها | فلا ثمّ آفاق ، و لا ثمّ أنجم |
و فيم تضيء الشمس أو يشرق السّنى | إذا الأرض غشّاها ضلال و مأثم |
و أصبح فيها المضعفون و حظّهم | من العيش ما يقضي القويّ و يبرم |
أذلاّء إن ناموا ، أرقّاء إن صحوا | يباع و يشرى فيهمو و يسوّم |
يسمّون ثوّار إذا ما تجهّموا | لمغتصب ، أو من عذاب تألموا ! |
لأيّة غنسانية ذلك الوغى ؟ | و فيم أحلّوه لقوم و حرّموا ؟ |
رويدا بناة الكون ، ما تلك ثورة | عل الحقّ ، بل روح على الجور ينقم |
و ما عي إلا منكمو رجع صيحة | على الأمس كانت كالمزامير تنغم |
هو الشّرق ثارت روحه فهو لجّة | من النّار تذكيها رياح تهزّم |
ينادي بعهد بين يوم و ليلة | أضيع ، و حقّ يستباح و يهضم |
و حرّية موءودة ، طال شوقها | إلى النّور ، يطويها ظلام مخيّم |
مكبّلة الكفّين ، مغلولة الخطى | تداس ، و يؤبى أن يبوح لها فم! |
***
| |
سلاما ، سلاما ، سيّد السّلم و الوغى | جلالك موفور ، و عهدك مكرم |
و يعنو إليك الجنّ و الإنس طاعة | كأنّك فيهم سليمان تحكم |
و بين يديك الأرض تلقي زمامها | و في راحتيك السّبعة الخضر تسلم |
و لم تبق في الكون السّحيق رحابة | لغيرك ، أو يبعد به عنك مغنم |
فما لك بالأسطول و الجيش واثبا | على أمّة عزلاء بالسّلم تحلم ؟ |
و تنقض مثل النسر فوق سمائها | بأجنحة تغزو النّجوم و تزحم |
ألاقيت في أجوائها غير طيرها | على نسمات في الغصون تهينم ؟ |
و أبصرت إلاّ أمة محمد | تنازعها المكياد غصبا و ولهم |
ملايين ممن كرّم الله خلقهم | يراد بهم أن يمسخوا أو يحطّموا ! |
أنل هذه الدنيا رضاك ، و حسبنا | من الدّهر هذا البارق المتبسّم |
سراب من الأوهام نسقى بلمعه | وطيف برؤياه نسرّ و ننعم |
و دعنا بمعسول المنى و وعودها | تذق من نعيم العيش ما نتوهّم |
و نبدع لهذا الكون في الوهم صورة | تمثّل منه بعض ما كنت تزعم ! |
فإنّا شعوب من سلالة آدم | لنا في مراقي العلم و الفن سلّم |
لنا خطرة تهوي الخيال، و نظرة | طموح ، و قلب بالمحاسن مغرم |
على أنّنا نبني على الحقّ و الهدى | مآثر لا تبلي و لا تتهدّم |
و نرعى مواثيق الوفاء ، كما رعت | أوائلنا ، لسنا على البذل نندم ! |
من الصين حتّى ساحل الغرب عالم | به المسلمون الأولون تقدّموا |
بنوه حضارات ضخاما ، و لم يزل | له أثر في الكون أسمى ة أضخم |
نظام من الشّورى و عهد الرّضى | اياديه شتّى ، حسينات و أنعم |
سل العام إن أوفى عليك هلاله | ففي ضوئه للحقّ هدي ز معلم |
لعلّك إن يمسسك من نوره سنى | يلن منك قلب الحديد ملثّم |
و ينبئك أنّا لا نطيق على الأذى | مقاما ، و أنّا أمة ليس تظلم |
على الحقّ نجزي من جزانا بحقّنا ، | فإن لم يكن ... فالشّر بالشّر يحسم ! |