مصر
هوى لك فيه كلّ ردى يحبّ | فديتك ! هل وراء الموت حبّ ؟ |
فديتك مصر ، كلّ فتى مشوق | إليك ، و كلّ شيخ فيك صبّ |
و يحلم بالفدى طفل فطيم | و كلّ رضيعة في المهد تحبو |
أراك و أينما و ليّت وجهي | أرى مهجا لوجهك تشرئبّ |
و أرواحا عليك محوّمات | لها فوق الضّفاف خطى و وثب |
عليها من دم الفادين غار | له بيديك تضفير و عصب |
حمتك صدورها يوم التّنادي | ووقّتك اللّيالي و هي حرب |
إذا رامتك عادية و شقّت | فضاءك غيلة و رماك خطب |
دعت بالنّهر فهو لظى و وقد | و بالنّسمات فهي حصى و حصب |
و بالشجر المنوّر غيل | و كلّ غصونه ظفر و خلب |
حقائق عن يد الأيمان ترمي | صواعق و مضها ظفر و خلب |
حقائق عن يد الإيمان ترمي | صواعق ومضها رجم و شهب |
لها في مهجة الجبّار فتك | و في عينيه إيماض و سكب |
صنائع الغانائيّات يشدو | بها شرق ، و يلقي السّمع غرب |
و يبعث في الحياة على صداها | فراعين أو حواريّون عرب |
أهلّوا بالصّباح فثمّ ركب | تموج به الضّفاف و ثمّ ركب |
بأرواح مجنحة نشاوى | إليك بكلّ جارحة تدبّ |
لقد بعثت من الأحقاب مصر | أجل بعثت ، و هبّ اليوم شعب |
توحّد في الزعامة فهو فرد | و أفرد بالأمانة فهو صلب ! |
***
| |
فيا لك مصر ! ما لجلال أمس | علته غبرة و طوته حجب |
و ابهم فهو رجع صدى و طيف | بعيد ليس يستجليه قرب |
دوت ريّا ملامحه و حالت | مناقبه فهنّ أذى و ثلب |
أكان دم الفدائيّين صدقا | و أصبح و هو بعد الأمس كذب |
فيهدم ما بنى و يقال شادوا | و تصدع وحدة و يقال رأب ؟ |
علام إذن اريق بكلّ واد | فأورق مجدب و أنار خصب ؟ |
و جاد به شباب عبقريّ | و ولدان كفرخ الطّير زغب ؟ |
أحقّا ما يقال شيوخ جيل | على أحقادهم فيه أكبّوا |
و كانوا الأمس أرسخ من جبال | إذا ما زلزلت قمم و هضب |
فمالهمو وهت منهم حلوم | لها بيد الهوى دفع و جذب |
أأرحام مقطّعة و ارض | تعادى فوقها أهل و صحب |
و اسواق تباع بها و تشترى | ضمائر هنّ للأهواء نهب |
يطوف بها النّفاق و في يديه | صحائف أفعمت زورا و كتب |
يكاد اللّيل أن ينسى دجاه | إذا نشرت و يأخذ منه رعب |
تعالوا يا بني قومي تعالوا | إلى حقّ و حسب الشعب حسب |
هو الدستور منه جنى قطفنا | و نهر حياتنا ملآن عذب |
فما للشّرب و الجانين ثاروا | عليه بعد ما طعموا و عبّوا |
فأهدر مرّة و أبيح أخرى | و عيب ، و ما له عيب و ذنب |
إذا ما الأكثرية فيه فازت | تحرّكت الدّسائس و هي إلب |
و إن هي حوربت عنه و ذيدت | تحدّث باسمه فرد و حزب |
عجائب لم تقع إلاّ بمصر | و أحداث لهن يطيش لبّ |
تعالوا يا بني قومي إليه | فما في حكمه قسر و غصب |
و ما هو اسطر كتبت و لكن | معان في القلوب لهنّ علب |
تحررت الشّعوب فكلّ شعب | طليق و المجال اليوم رحب |
و هبّت في نواحي الأرض دنيا | لحقّ يجتبى و منى تلبّ |
أتلعب و الزمان يقول جدّوا | و نرقد و الحياة تصيح هبّوا ؟ |
فلا تقفوا بحريّات شعب | و آمال له للمجد تصبو |
فما تثني خطى شعب طموح | زعازع في ظلام الليل نكب |
إذا عصفت تلقّاها بصدر | وراء ضلوعه نار تشبّ |
سألتكمو اليمين و حبّ مصر | ألم يخفق لكم بالحبّ قلب ؟ ! |
إذا عبس الزمان لمصر أومت | إلى الفاروق و هي رضى و حبّ |
فقبّلها و ظلّلها هواه | و ندّى قلبها و العيش جدب |
و باسمك أيها الملك المفدّى | تقشّع غمّة و يزول كرب |
و باسمك لا يضام لمصر حقّ | و باسمك لا يضار بمصر شعب |
و باسمك من عضال الدّاء تشفى | و باسمك كلّ داء يستطبّ |
بحقّ علاك وهو هدى و نور | و حقّ هواك و هو علا و كسب |
إليك توجّهت بالرّوح مصر | و أنت لمصر بعد الله ربّ |