مسافر من زمان العولمة
أتيتُ إليكِ مجروحَ المشاعِرْ | من الزمنِ الذي يُدعى معاصرْ |
أتيتُكِ يا سُليمى ، فامنحيني | جوازَ مرورِ مجروحٍ و حائرْ |
أتيتُكِ و الجراحُ تقضُّ نومي | و تغرسُ فيهِ آلافَ الخناجرْ |
أتيتُكِ فاقبلي بعض اغترابي | فإن الجُرحَ في الأعماقِ غائرْ |
قطعتُ إليكِ سيراً ألف عامٍ | جميعاً قد أُحيطتْ بالمخاطرْ |
لعلي أجتني ورداً جميلاً | سَقَتْهُ بِخَدِّكِ السُّحبُ المواطر ْ |
و أنهلُ إن ظمِئتُ الماءَ عذباً | نَقِيَّ الأصلِ موثوقَ المصادرْ |
أتوقُ لحلبةٍ من ضرعِ شاةٍ | و تمرٍ تُطعمين بطيبِ خاطرْ |
تعامت أعينُ الحُسَّادِ عنهُ | فلم تمْسَسْهُ .. غدراً .. كفُّ غادرْ |
أتوقُ لخيمةٍ تأوي شتاتي | فإني لستُ أحفلُ بالعمائرْ |
فما جدوى قصورٍ شامخاتٍ | سكنّاها ، و قتَّلنا الضمائرْ |
تعالي شاركيني بعض حزني | فإن زماننا بالحزن زاخرْ |
فهذا دفترُ الجوعى بعصري | يكاد بهاؤهُ يجلو النواظرْ |
أما أَبْصَرْتِ يا حسناءُ طفلاً | طواه الجوعُِ ، أعيته الفواقر |
يُلامِسُ جسمُهُ المهزولُ أرضاً | يُقاسمُ نملَها قمحَ البيادرْ |
و هذا دفترُ الحربِ ، اْتركيهِ | فليست حربَ أسيافٍ بواترْ |
و لكنَّ المعارِكَ في زماني | تُحرِّكها الأشعةُ و النظائرْ |
و هذا ما تيسَّرَ من كتابٍ | عن الإرهابِ ألَّفَهُ مُقامرْ |
و صَنَّفَ محتواهُ على هواهُ | و ربُّ الكونِ أعلمُ بالسرائرْ |
و ذاكَ مُرَوِّعٌ ، لا تقرئيهِ | و تلك روايةٌ تُدمي المشاعرْ |
كتاباتٌ تُشيِّبُ يا سُليمى | توارى تحتها ديوانُ شاعرْ |
يُغنِّي للسلام و للتآخي | بعصرِ القهرِ و الموتِ المُباشرْ |
و جاءكِ من هناك ببعض عشقٍ | طواهُ مؤججاً و بِهِ يجاهرْ |
ففتَّشَ عنكِ في زمنٍ تولّى | و جابَ سؤالُهُ كلَّ العشائرْ |
فلمّا لم يجدْكِ هناك ولّى | و عاد مهرولاً صوبَ المعاصرْ |