إن أسماء في الورى خيرُ أُنثى
إن أسماء في الورى خيرُ أُنثى | صنعت في الوداع خير صنيعِ |
جاءَها ابن الزبيرِ يسحبُ دِرعاً | تحتَ درعٍ منسوجةٍ من نجيعِ |
قال يا أُمٍّ قد عييتُ بأمري | بين أسرٍ مُرٍّ وقتلٍ فظيع |
خانني الصحبُ والزمان فما لي | صاحبٌ غيرَ سَيفي المطبوعِ |
وأرى نجمي الذي لاحَ قبلاً | غابَ عني ولم يَعد لِطلوعِ |
بذل القومُ لي الأمانَ فما لي | غيره إن قبلته من شفيع |
فأجابت والجفن قفر كلآن لم | يك من قبل موطناً للدموع |
واستحالت تلك الدموعُ بُخاراً | صاعداً من فؤادها المصدوع |
لا تسلم إلا الحياة وإلا | هيكلاً شأنه وشأن الجذوع |
إن موتاً في ساحد الحربِ خيرٌ | لكَ من عيش ذلةٍ وخضوع |
إن يكن قد أضاعك الناس فاصبر | وتثبت فالله غير مضيع |
مت هماماً كما حييتَ هماماً | واحى في ذكرِكَ المجيدِ الرفيعِ |
ليس بين الحياةِ والموت إلا | كرةٌ في سوادِ تلك الجموع |
ثم قامت تضمه لوداعٍ | هائل ليس بعدَهُ من رُجوع |
لمست دِرعه فقالت لعهدي | بك يا ابن الزبيرِ غيرَ جزوع |
إن بأس القضاءِ في الناس بأسٌ | لا يُبالي ببأس تلك الدوع |
فنضاها عَنهُ وفرَّ إلى الموتِ | بدرعٍ من الفخارِ منيعِ |
وأتى أمه النعي فجادَت | بعدَ لأيٍّ بدمعِها الممنوع |