الرئيسية » , » أمام القانون | فرانز كافكا |ترجمة أماني لازار

أمام القانون | فرانز كافكا |ترجمة أماني لازار

Written By غير معرف on السبت، 15 يونيو 2013 | يونيو 15, 2013

أمام القانون- فرانز كافكا


يجلس بوابٌ أمام القانون حارساً. يأتي رجل من الريف طالباً السماح له بالدخول إليه. لكن البواب يقول بأن ليس بمستطاعه السماح له بالدخول في الحال. فكر الرجل ملياً بالأمر ومن ثم سأل فيما إذا كان سيسمح له بذلك لاحقاً. ” هذا ممكن،” يقول البواب،” لكن ليس الآن.” ولما كانت البوابة المفضية إلى القانون مفتوحة حالياً، كما دائماً، وقد تنحى البواب جانباً، انحنى الرجل رغبة في اختلاس النظر عبر البوابة إلى الداخل. ضحك البواب عندما لاحظ ذلك، وقال: ”  إذا كان هذا يغريك كثيراً، حاول أن تتخطاني . لكن ليكن في علمك: أني قوي. وأنا لست سوى البواب الأكثر تواضعاً. لكن من غرفة إلى أخرى يقف البوابون،  وكل واحد أكثر قوة من الآخر. حتى أنه لا يمكنني الصمود أمام طرفة عين من الثالث.” لم يكن الرجل القادم من الريف يتوقع كل هذه الصعوبات: وفكر بأن القانون لا بد أن يكون متاحاً للجميع دائماً، لكن وهو ينظر الآن عن كثب إلى البواب الذي يرتدي معطفاً من الفراء، إلى أنفه المدبب الكبير و لحيته، التترية السوداء، المهلهلة، الطويلة، قرر بأنه سيكون من الأفضل انتظار الحصول على تصريح بالدخول. أعطاه البواب مقعداً  وسمح له بالجلوس جانباً أمام البوابة.  جلس هناك لأيام وسنين. قام بالعديد من المحاولات ليدعه يدخل،  وقد أضجر البواب بإلحاحه. كثيراً ما كان البواب يحدثه باختصار،  سائلاً إياه عن موطنه و أشياء عديدة أخرى، لكنها أسئلة لا مبالية، مثل الأسئلة التي يطرحها العظماء،  وينتهي دائما بتصريح مفاده أنه لا يمكنه السماح له بعد بالدخول. الرجل، الذي جهز نفسه بأشياء كثيرة لرحلته، ضحى بها جميعا، مهما بلغت قيمتها، لاستمالة البواب. الذي قبل بها كلها، لكن دائما مع ملاحظة: ” أنا آخذ هذا فقط كي لا تعتقد بأنك لم تفعل ما بوسعك.” ركز الرجل اهتمامه على البواب خلال السنوات الطويلة على نحو يكاد يكون مستمراً. و نسي أمر البوابين الآخرين، وبدا له أن هذا الأول هو  العائق الوحيد أمام دخوله إلى القانون. لعن حظه السيء في السنوات الأولى بجرأة و بأعلى صوته ، فيما بعد وهو يتقدم في السن، اكتفى بأن تمتم لنفسه. صار خرفاً، وبما أنه أمضى السنوات الطوال في تأمل البواب بات يعرف حتى البراغيث في ياقته المصنوعة من الفرو، و طلب منها أيضاً أن تساعده على إقناع البواب. أخيرا وقد ضعف بصره،   لم يعرف فيما إذا كانت الأشياء المظلمة من حوله حقيقة أو أن عيناه كانتا تخدعانه. لكنه يتبين الآن في الظلمة شعاع لا يخبو يتدفق من البوابة المفضية إلى القانون. الآن ولم يعد لديه بقية من حياة. تلخصت قبل موته في ذهنه خبراته كلها في سؤال وحيد لم يطرحه على البواب  بعد. لوح له كي يقترب، ذلك أنه لم يعد يقوى على النهوض بجسده المتيبس. كان على البواب أن ينحني عليه، لأن الفارق الكبير بالطول بينهما تبدل لغير صالح الرجل.
” ما الذي لا زلت ترغب في معرفته، إذن؟” سأل البواب.” أنت نهم.”"  الجميع يسعى وراء القانون،” قال الرجل، ” فكيف حدث خلال هذه السنين الطوال أن ما من أحد سواي توسل الدخول؟” رأى البواب بأن الرجل شارف على الموت ولكي يتمكن من سماعه وقد ضعفت حاسة السمع لديه، صاح في أذنه: ” ما من أحد آخر يسمح له بالدخول إلى هنا أبداً، لأن هذه البوابة قد خصصت فقط من أجلك.  وأنا الآن سأقوم بإغلاقها.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads