خُذْهَا ولاتَخَفْ
أنتَ ، أيُّها المُتمدِّدُ الذَّاهلُ ، في بُحيرتِكَ السَّاكنةِ تهذي ؛فلا يصفُ هديرَكَ إلاَّ جُنونُكَ المُفاجيءُ ، أنتَ الذي تتكسَّرُ في أناةٍ ، سَادر ٌفي غِيِّكَ ، كأنَّكَ في عرشِكَ الملكيِّ حدَّادٌ ، تنهض ُ مثلَ دريئةٍ ، رُحْ أيُّها الهادرُ المُتوَّجُ في خرابِ الدَّولةِ ، وانسَ الهزائمَ كلَّها ، ولاتنسَ رأسَكَ ، أيُّها الذَّاهبُ ، خُذْها مَعَكَ ، واحْفظْ الأعشاشَ المنثورةَ فيها ؛ حتَّى لاتطيرَ ، أنتَ أيُّها الرَّاحلُ الهائجُ ، في هجومِكَ الأعمى ، تسوقُ عائلةَ الضَّبابِ ، تقولُ عن الشَّمسِ: هذه فجيعتي ، رأسُكَ نافورة ٌ، خُذْ الهياكلَ كلَّها ، خُذْها وراءَكَ ، مزِّق الهواء بهديرِكَ النُّحاسيِّ ، بظُفرِكَ المعدنيِّ حُكّ الصَّهيلَ ، أيُّها الراَّكضُ ، في ساحةِ موتِكَ ، وحدَكَ ، يامُشتعلَ السَّاقينِ ، في حقلِ الضَّبابِ ، أرفعُ صوبَكَ يُمنايَ ، خُذْها ولاتخفْ ، أنتَ ياقاتلي ، يا حبيبي ، بِغيِّكَ ، تعالَ ، أنا جُنونُكَ ، جنبي ، معي ؛ لنسرقَ الرُّؤيا ، أطرافُكَ اشْتعلتْ ، ؛ لنلحقَ الجُثَّةَ ، ياحبيبي ، ونجرفَ الدَّولةَ في عُهرِها الوطنيِّ ، ونضحكُ ، نضحكُ في غُبار ِالانهياراتِ ، نسحبُ الموتَ ، ونركضُ ، في الأعالي ، سأُريكَ أعشاشَ السِّباعَ ، أُعطيكَ مرمري ، وأحملُكَ على حصاني الأزرقِ، يا حبيبي ، وأضربُهُ على فخذِهِ ، هكذَا ، هكذَا ، وأنتَ تضحكُ، حتَّى يندفعَ الحِصانُ ، رُحْ وئيدً ا، وئيدًا ، في الهدمِ هذا ، رُحْ ياحبيبي ولاترحمْ ، أنا في ضلوعِكَ ، فاحترسْ بي ، واحْذرْ لئلاَّ تُوقِعني في الصَّهيل ِ، أيُّها الجامحُ - أنا وعائلتَكَ المُختارةَ - ارْتعْ ولاتأمنْ ، ياحبيبي ، ياشَرِيفْ ..
إلى مَمَرَّ اتِ الجَحِيم
كلُّ عاصفةٍ ستعرفُنَا ، وتدفعُناَ إلى مَمَراَّتِ الجَحيمِ ، كلُّ حائمةٍ ستأخذُنا إلى الكوامنِ ، سوفَ تنهدمُ المداخلُ التي ترانا ، فاتْرُكْ عُواءَكَ هاهنا وارْتفِقني ، واتْرُكْ أعاصيرَكَ - التي سكبتْها أحشاؤكَ في جِيوبِكَ ،دعْ كلَّ شيء ٍعلى حالِهِ ،كما هو ، ولاتخشَ شيئًا على شيءٍ ، تعالَ معي ؛ فتأتنسَ بنا الخرائبُ ، والصَّباحاتُ التي تتبرَّجُ في الأعالي ، نحنُ في أوَّلِ الرُّؤيا ، وموتُكَ لن ينوبَ عنكَ في هذا المََسَاءِ ، سنزدردُ الفَناَءَ ، على مَهَلٍ ، معًا ، معًا ، ياشَريِفْ ..
هُوَ ذَا فِراَق
حيَّرتَني في شُرودِكَ ، ألمْ أقُلْ لكَ : إنَّكَ لنْ تستطيعَ معيَ صبرًا؟ ، فأمهلتَني ، وارْتحلْنا ؟ ، جمِّعْ عِظَامَكَ هذه ، واتَّبعِني ، تقدَّمْ ، لاتُدَمْدِم ْفي شُرودِكَ هكذَا ، أنتَ إسْطبلٌ ، فغادِرْ ، إذاً ، هذَا فِراَقْ ..
يَوْمَهَا كنَّا هُنَا
أنتَ لاتذكرُ بالتَّأكيدِ
يومَهَا ، جلسْنا على هذهِ المائدةِ
خلعنا أعضاءَنا ، عضوًا فعضوًا
وابتسمْنا
وضعْنا الأصابعَ في هذهِ الأطباقِ
أتينا بوردٍ
الشفاهُ كانتْ فاكهةً
والعيونُ مصابيح المساءِ
أنتَ لا تذكرُ بالتَّأكيدِ
يومَها ، فرشْنا مائدةً من لحمِنَا
، وانْتبهنا إلى جَلَبَةِ الموتى الضُّيوفِ
، وهُمْ يدخلونَ علينا من كلِّ بابٍ
، ...سَلام ٌهِيَ حتَّى مَطْلع ِالفَجْرِ
سَلام ْ
أنتَ لاتذكرُني ياشَرِيفْ ؟ ..
( 1995 )
من ديوان ( مجرَّة النِّهايات ) ، صدر في يناير 1996