الرئيسية » » يوميات شيطان مجهد | محمد حربي

يوميات شيطان مجهد | محمد حربي

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 17 فبراير 2015 | فبراير 17, 2015

يوميات شيطان مجهد
1
ما يُحيّرني في هذا العالم
أنه لم يعُدْ هناك ما يحيّرني
فلم أعُدْ مُغوياً بما يكفي للمرايا
ولم تعدْ المرايا "نوافذُ الرُّوح على مُحيطِ الله"
تغويني بإفسادِ الصّور
2
الحَمقى يَحكمون حَمقى
يحاربون طواحينَ الهواءِ كما رسمتُها لثربانتس
وهو يطوفُ أوديةَ الأندلسِ القديم
ثمّ يقتسِمون الغنائمَ طائراتٍ ورقية مُزركَشة
بلَحمٍ بشريّ
هل ثمّة جديدٍ في البحر ..
كأنْ يطلُع البركان بملابسَ داخليةٍ في غرفةِ الطعامِ
والصِّحافُ جماهيرٌ مُندهشةٌ من فوضى الإيقاع
قصيدةٌ تُخطىء في البحور والمنَظِّمة لخُطواتي
على البارِجة
وهي ترتّبُ الجماجمَ بدقةٍ في حَقائبِ الهدايا
لعيدِ الفالنتاين
ثم يأتي جنرالٌ ويستعيرُ كتابي
ويسبقُني بجمجمتين في مُتحفِ الأشلاء
أو بحصانٍ خشبيٍ إلى مملكةِ فقراءَ
يسجدون للحوافر في كلّ معركة
ويظنّون كلّ صيحةٍ عليهِم
فيدخلُ الحصانُ أسوارَ المدينة
وسط صيحات الفرح
وتسقط الطيور مزهوة بالممات
في إطارات صورتطير وحدها
وتعفيني مشقة السهر
٣
مزهوّاً بالدمار حَولي، يسقطُ المطرُ
من مظلّةٍ معلقةٍ في شرفةٍ
تُخفي عاشقين من وابِلِ الكلام تحت لِثامِ الغُبارِ
في ليلةٍ قاهريةٍ تنبحُ تحت سفحِ المُقطم
وهو يكنسُ الفقراءَ من الخارطة
بمُيوعةٍ عاطفيةٍ
في أغنيةٍ ترقصُ فوق جثثِ الحروفِ المحترقة
٤
ليس ثَمّة ما يُحيّرُ شيطانٌ مُجهَدٌ مثلي
العالمُ فقَدَ بكارةَ الصور
وصارت الثورةُ ثيِّباً قبل عُرْسها
بعدما نَفَخْتُ فيها من رمادي المقدّس
وقبَضْت قبضةً من أثرِ الحِصان
ولم أعدْ أنتظرُ مالا يَجيء
من ثوّار تائهين في صورِهم
بيني وبين ظِلّي شجرةٌ وظلٌّ وطريقٌ
رسَمَها صمويل بيكيت
وهو يسخرُ من مِرآةٍ أسقَطَها الُله
لنرَى صورَنا الذبيحةَ تحت العرشِ
٥
ما يحيرُني أنّ العالمَ بلا حيرةٍ
يقتلُ أنبياءَ النهرِ ثم يسمّي النهرَ إلهاً
يقتل أبناءَ البحرِ ثم يقيمُ في البحر فناراً
بالجثث الطافيةِ لإرشاد الشياطين
والقراصنة إلى شطآن العالم السفلي
٦
ما يحيرُني الآن أنّي صرتُ وحيداً في المرآةِ
وأنّ الظلّ يمشي على قدمين
تنبتُ فيهِما الأجنحةُ
وأنا لا أقوَى على الطيران وحدي
وليس ثمّة تفاحةٍ للغوايةِ تحملُني إلى باحَةِ القصرِ
العالمُ محبوسٌ تحت سريري
في أغلفة كتبٍ نسيَتْها بغيٌّ كرَهْنٍ لأيجارِ سحابةٍ
يبدأُ درسُ التاريخ قبل موعدِ المِقصلَة
والشعراءُ حولي ينتظرون الوصايا
من حوافر الجَواد
ويحلمون
والكلابُ تنبحُ في غابةٍ مهجورةٍ
فيعود شجرٌ من رحلتِه الخُرافية
بقِطَع من الغمامِ في ثيابِ غانيةٍ
زمِّلوني بالغبار
ودثِّروني بالدماء
ربما يستعيدُ العالمُ بكارةَ الصورة
وعنفوان المرايا المقدسة
ولا يكتب اللصوصُ على الغنائم
فوق الجثثِ المكدّسة في الخزائن الجانبية
"هذا من فضل الله"
ثم يتركونني وحدي أُبَرّر الجريمة
في الشاشات وهم يسكرون على موسيقى
جنائزية، تطلق الرصاصَ بإيقاعٍ منتظم
والجوادُ ينتقي شجرةً ليحرقَ المدينةَ
ويُدفىءَ صورةَ الجنرال في المرآة
من مجموعة "يوميات شيطان متقاعد "قيد الطبع
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads