الرئيسية » » فلتعد أمريكا كما هي أمريكا مجدداً | لانجستون هيوز

فلتعد أمريكا كما هي أمريكا مجدداً | لانجستون هيوز

Written By Lyly on الأربعاء، 28 يناير 2015 | يناير 28, 2015



فلتعد أمريكا كما هي أمريكا مجدداً


******
شعر: لانجستون هيوز
ترجمة: عبد المنعم خليفة

******
فلتعد أمريكا كما هي أمريكا مجدداً

فلتعد لنا ذلك الحلم الذي كان

فلتعد رائدة لهذا السهل الرحب

وهو حر من ينشدها وطناً

(أمريكا لم تكن أبداً أمريكا لي)

فلتعد أمريكا الحلم الذي طالما راود أجفان الحالمين

أرضاً حصينة يزدهر فيها الحب

حيث لا ملك يتآمر ولا طاغية يتأمر

حيث لا يخشى الإنسان سطوة من هو أعلى

(أمريكا لم تكن أبداً أمريكا لي)

دعوني أرى أرضي

لا تتوجها أكاليل الوطنية الزائفة

وإنما تزدهر فيها الفرص الحقيقية

والحياة الحرة والمساواة

التي نتنسم عبيرها في الهواء الذي نتنفسه


(لم يوفر لي "وطن الأحرار" هذا المساواة والحرية أبداً)

يقولون.. من أنتم يا من تهمسون تحت جنح الظلام؟

من أنتم يا من تسدلون قناعكم عبر النجوم؟

أنا الإنسان الأبيض الفقير والمخدوع والمنزوي

أنا الإنسان الزنجي الذي يحمل آثار العبودية الباقية

أنا الرجل الأحمر المطرود من الأرض

أنا المهاجر الذي يتعلق بالأمل

ولا ينال سوى ذات الخطة العتيقة التي لا نهاية لها..

الكلب الذي يأكل كلباً..

والجبابرة الذين يقهرون الضعفاء..

أنا الفتى الممتلئ بالقوة والأمل

تسربلني قيود لا نهائية..

الأرباح والسلطة والمكاسب ثمرة الأرض المغتصبة..

واختطاف الذهب..

ووسائل إشباع الحاجات..

وليعمل الرجال .. ولتأخذ الأجر!..

ونهم امتلاك كل شيء لإشباع الجشع..

أنا الفلاح رقيق الأرض

أنا العامل الذي باعوه للآلة

أنا الزنجي خادمكم جميعاً

أنا الشعب الذليل الجائع الحقير

جائع حتى اليوم رغم الحلم

مرهق حتى اليوم أيها الرواد

أنا من لم ينطلق إلى الأمام أبداً

أنا أفقر عامل تمت مقايضته عبر السنين

غير أنني من عايش حلمنا الأثير

في عالمنا القديم عندما كنا لم نزل عبيداً

في خدمة الملوك

من ذا هو الذي عايش حلماً

بمثل تلك القوة والجسارة والصدق

حلم لا تزال تتردد أصداء روعته المنغمة

في كل طوبة وكل حجر وكل حقل

ذاك هو الحلم الذي جعل أمريكا الأرض التي هي اليوم

أنا من أبحر عبر هذه البحار منذ أزمان باكرة

بحثاً عن أرض تكون لي وطناً

فأنا من غادر شاطئ أيرلندا المظلم

وسهول بولندا

ومراعي إنجلترا العشبية..

ممزقاً.. من شاطئ إفريقيا السوداء أتيت

لكي أبني "وطناً للأحرار"

الأحرار؟

من قال الأحرار؟

ألست أنا؟
بدون ريب لست أنا

الملايين الذين يعيشون على الإعانات اليوم؟

الملايين ممن تطلق عليهم النار عند الإضراب؟

الملايين من الذين لا أجر لهم؟

من أجل كل الأحلام التي راودتنا..

وجميع الأغنيات التي أنشدناها..

وكل الآمال التي ظلت تحدونا..

وكل الأعلام التي لوحنا بها..

والملايين من الذين لا أجر لهم

سوى الحلم، والذي يكاد أن يذبل اليوم .

دعوا أمريكا تصبح أمريكا مجدداً

الأرض التي لم تصبح أبداً بعد

ولكن لا بد لها أن تكون

الأرض التي يعيش فيها كل إنسان حراً

أرضي أنا الإنسان أنا الفقير ..

أرض الهنود والزنوج

من صنعوا أمريكا

بالعرق والدماء والإيمان والآلام

بسواعدهم التي تطرق الحديد في الورش

وتحرث الأرض تحت المطر..

لا بد من استعادة حلمنا العظيم ثانية

بكل ثقة أقول

لك أن تنعتني بأي اسم قبيح تختار

فحديد الحرية لا يلطخه

من يعيشون كالحشرات المعتلقة بحياة الناس

لا بد لنا من أن نسترد أرضنا ثانية .. أمريكا

آه .. نعم

هاأنذا أقولها صريحة

أمريكا كما أراها لم تعد هي أمريكا

غير أني أقسم جازما بأنها ستكون!

من المعاناة والدمار والموت وقطع الطريق

من الاغتصاب والأدران والابتزاز والسرقات والأكاذيب

نحن الشعب

سوف ننطلق لنسترد الأرض والمناجم والمزارع والأنهار

والجبال والسهول اللانهائية

وجميع الرحاب الممتدة عبر هذه الولايات الخضراء العظيمة

وسوف نصنع أمريكا مجدداً!

*************

نبذة عن الشاعر والقصيدة
اشتهر لانجستون هيوز (1902 – 1967م) بالإنتاج الأدبي الغزير والمتنوع ؛ فهو شاعر، وروائي، ومسرحي، وكاتب قصة قصيرة، وكاتب صحفي، وكاتب أدب الأطفال. وهو يعتبر من رواد الوطنية الثقافية التي وحدت بين العديد من الكتاب والأدباء من ذوي الجذور الإفريقية، وعمقت فيهم الاعتزاز بثقافاتهم وجمالياتهم السوداء. وقد شكلت تلك الوطنية الثقافية مصدر إلهام للعديد من الفنانين السود.
تتميز كتاباته بالراديكالية والثورة، ولذا تم تصنيفه كيساري، مما عرضه إلى ملاحقات واستجوابات في الفترة المكارثية. ورغم قوة أفكاره المرتكزة على الاعتزاز العرقي وسط الأمريكيين السود، إلا أن أجيالاً لاحقة منهم، من الذين بدأوا ينظرون بإيجابية إلى آفاق الإندماج في المجتمع الأمريكي، رأت فيها أفكاراً غير مواكبة، وتعكس الكثير من الشوفونية غير المحمودة. غير أن أفكار لانجستون هيوز كانت لها تأثيراتها العميقة خارج حدود أمريكا، حيث بدأت تلهم السود في إفريقيا وجزر الكاريبي والمارتنيك. بل وأنها قادت إلى قيام حركة الزنجية في فرنسا كحركة سوداء راديكالية في مجابهة الاستعمار الأوروبي.
لانجستون هيوز من رواد كتابة ما عرف بأشعار الجاز - هذا الفن الذي تطور كثيراً فيما بعد - وهي أشعار تتميز بانسجامها مع موسيقى الجاز والبلوز ذات الإيقاعات الرخيمة والعبارات المتكررة. ولقد انطلق هيوز في كتابة أشعار الجاز من اعتزازه بالتراث الفولكلوري للسود.
في هذه القصيدة التي أنقلها إلى العربية، وهي بعنوان: Let America be America Again ، والتي كتبها هيوز عام 1938م، العديد من الصور الوطنية الزاهية والإيجابية لأمريكا، غير أنه لا يلبث أن يثير حولها تساؤلات. مثلاً عندما يتحدث عن ازدهار الفرص الحقيقية والحياة الحرة والمساواة، يذكر أن "وطن الأحرار" هذا لم يوفر له المساواة والحرية أبداً. من الناحية الأخرى تبرز القصيدة الجانب القاتم من أمريكا حين تعكس صوراً حية عن معاناة الفئات المهمشة (الزنوج الذين لا يزالون يحملون آثار العبودية، والهنود الحمر المطرودين من الأرض). لكنه في ختام القصيدة يعبر عن تفاؤل عظيم بمستقبل أمريكا.
من الجدير بالذكر أن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2004م – السناتور جون كيري – كان قد اتخذ من عنوان هذه القصيدة Let America be America Again شعاراً لحملته الانتخابية.
**********

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads